كاتب المدينة - السعودية لطالما أدت الدبلوماسية السعودية الهادئة وسياسة الحلم والنفس الطويل إلى نفاد صبر بعض المحبين المتحمسين، وخطأ بعض المغرضين في حساباتهم وتقييمهم لذلك الهدوء. وفي كل مرة تلو الأخرى كان الرد السعودي يأتي حاسماً وحازماً ليقول للجميع بدون استثناء «اتقوا غضبة الحليم». «اتقوا غضبة الحليم» قالها الملك فيصل رحمه الله عام 1973م بقراره حظر تصدير النفط لأمريكا دفاعاً عن الحق العربي والقضية الفلسطينية والذي جاء بعد سنوات من التحذيرات والتقليص التدريجي للإنتاج بدءًا من منتصف الستينيات. «اتقوا غضبة الحليم» قالها الملك فهد رحمه الله بموقفٍ لن تنساه الأجيال حرر به الكويت من براثن الاحتلال العراقي مردداً كلمته الشهيرة «يا تبقى الكويت والسعودية، يا ننتهي مع بعض». موقف جاء بعد محاولات حثيثة لم تفلح في إخراج القوات العراقية سلمياً من الكويت. كما قالها رحمه الله بطرده للسفير الأمريكي عام 1988م لتدخله في شأن لا يعنيه حين احتج على صفقة الصواريخ الصينية للمملكة. «اتقوا غضبة الحليم» قالها الملك عبد الله رحمه الله حين وقف بحزم وصرامة في وجه المحاولات الإيرانية لإشعال نار الفتنة في البحرين عام 2011م، مستجيباً لطلب العون من المنامة، حيث تم إرسال أكثر من ألف عسكري سعودي من قوات درع الجزيرة عملوا على إعادة الأمن والنظام. ولن ينسى التاريخ أيضاً موقفه رحمه الله عام 2014م والذي وأد كل مؤامرات تدمير مصر واسقاطها في براثن الفوضى والإرهاب. «اتقوا غضبة الحليم» تردد صداها مدوياً في أرجاء أوروبا حين قالها الملك سلمان حفظه الله في وجه التصريحات المسيئة للمملكة على لسان وزيرة خارجية السويد، والتي ردت عليها المملكة بحزم وصرامة دفعت السويد لإبداء أسفها واعتذارها على أعلى المستويات. وها هو التاريخ يسجل للمملكة بقيادة ملك الحزم سلمان موقفاً بطولياً جديداً متمثلاً بإطلاقه عملية «عاصفة الحزم» حماية لليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الانقلابية الحوثية التي رفضت بتعنت كل حلول إعادة الأمن والشرعية لليمن. هذه العاصفة ضربت بعصاها ظهر الانقلابيين في اليمن، وصرخ ألماً وذعراً داعموهم في طهران وأدواتهم في البلدان التي أشعلوا نار الفتن بها. هذه هي السعودية بلد السلام والتسامح والحوار.. هذه هي السعودية بلد الدبلوماسية الهادئة والقيادة الحكيمة الحليمة.. هذه هي السعودية بلد الحزم والحسم حين يتطلب الأمر. ولمن لا يعلم، فإن جل ما فعلته المملكة في «عاصفة الحزم» حتى الآن هو أنها قطبت جبينها ولم ترفع يدها بعد.