الاقتصادية - السعودية أمر طبيعي أن تتراجع مبيعات الوحدات السكنية في السعودية، وأن يقابل ارتفاع الأسعار الجنوني إحجام من المشترين حتى إن كانت رغبة التملك راسخة في أنفسهم. الأسعار تجاوزت قدرة المستهلك المالية بمراحل ولم تعد القروض قادرة على ردم تلك الفجوة الكبيرة ما بين ملاءة المواطن السعودي وسعر المسكن. ارتفاعات قوية شهدتها أسعار القطاع الإسكاني في المملكة خلال السنوات الست الماضية بلغت في كثير من المناطق، خاصة المدن الرئيسة، أكثر من 300 في المائة، وهي أسعار مبالغ فيها للغاية ولن تخدم السوق العقارية. لم أستغرب ما أشار إليه مؤشر صحيفة "الاقتصادية" العقاري، الذي تحدث عن انخفاض حاد في تداول الفلل في السعودية خلال الأسبوع الماضي، فقد كشفت تقارير وزارة العدل عن انخفاض في مبيعات الفلل في السعودية إلى أدنى مستوى لها منذ تسعة أعوام. لا شك أن الإحجام عن الشراء هو الواضح في السوق العقارية، خاصة في القطاع الإسكاني، ووفق تقرير لشركة عالمية محايدة تدعى "لامودي"، فإن ارتفاع الأسعار هو السبب الرئيس وراء لجوء عدد كبير من السعوديين إلى استئجار المساكن والإحجام عن شرائها. وقال التقرير الذي كشفت عنه الشركة في ملتقى "مستقبل العقار في الأسواق الناشئة"، الذي عُقد في جدة الشهر الماضي، إن 37 في المائة من الذين خضعوا لاستفتاء نفذته الشركة "إلكترونياً" غير قادرين على شراء عقاراتهم الخاصة، ويقوم 55.7 في المائة من الذين أجابوا عن الاستفتاء بالتوفير حالياً لشراء أول عقار لهم، بينما يتوقع 79.7 في المائة منهم أن يتمكنوا من شراء عقاراتهم في غضون خمس أو عشر سنوات. ومع هذا الإحجام في الشراء فإن أسعار المساكن في السعودية ستهبط لا محالة بدرجة كبيرة خلال العامين المقبلين، ويتوقع مختصون أن تصل تلك الانخفاضات إلى 60 في المائة من الأسعار الحالية، وستزداد فرص التملك في ظل هبوط الأسعار إلى أرقام تكون في متناول الأغلبية. العقاريون يشككون في كل قول يتوقع هبوط الأسعار، مشيرين إلى أن الأسعار لا يمكن لها أن تنهار، في وقت لا يستغربون فيه ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، متناسين أن كل ارتفاع جنوني في سعر أي سلعة يجب أن يقابله انخفاض بالدرجة ذاتها. لا شك أن انخفاض الأسعار سيمنح السوق العقارية "تصحيحاً" سيستفيد منه المستهلك والتاجر أيضاً، فلا يمكن أن تُجنى أرباح من سوق تعاني كساداً وإحجاماً عن الشراء.