* الحياة سعودي بعد التطور الهائل في مجال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، والذي لحق الهواتف النقالة «الأجهزة الذكية» على وجه الخصوص، فقد كانت مقصورة على نقل المكالمات الصوتية، وأصبحت اليوم منظومة متكاملة تقوم بوظائف كثيرة وعدة أشبه ما تكون بالحاسب الآلي المصغر أو أ كثر من ذلك، وتقدم العديد من الخدمات، «كالتصوير والتسجيل» ونقل البيانات والنسخ والنشر والإرسال. إن استخدام أجهزة الهواتف النقالة لا تحتاج إلى احترافية ومهنية، فهي سهلة التعاطي، وهذا من الأسباب التي سهلت لدى بعضهم من المتطفلين التسلل إلى خصوصيات الآخرين، والاعتداء عليها، والموانع التقليدية بإغلاق النوافذ أو ارتفاع الجدران وغيرها لا تجدي أمام هذه التطور، والاعتداء يكون بأساليب كثيرة منها التصوير والتسجيل. لقد طرأت هذه الإشكاليات بعد التغير التقني والتطور، وهذا يحتاج إلى معالجة قانونية لحماية خصوصية الأفراد من استخدام الهواتف النقالة، أو ما يقوم مقامها في التعدي على حياة الأفراد الخاصة. إن الحق بالحياة الخاصة للفرد من أقدم الحقوق التي أقرتها المجتمعات البشرية، وأقرت هذا الحق جميع الشرائع السماوية، ومنها الشريعة الإسلامية، والنظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم ا/90 بتاريخ 27-8-1412، نصَّ وأكد حرمة الحياة الخاصة، وأنها مصونة بحسب ما نصت عليه المادة ال40 من الباب الخامس «الحقوق والواجبات»، (أن المراسلات البرقية، والبريدية، والمخابرات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال، مصونة، ولا يجوز مصادرتها، أو تأخيرها، أو الاطلاع عليها، أو الاستماع إليها، إلا في الحالات التي يبينها النظام). وأشار كذلك نظام الإجراءات الجزائية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/2 بتاريخ 22-1-1435 لحرمة الحياة الخاصة بحسب ما نصت عليه المادة ال56: (إن للرسائل البريدية والبرقية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، فلا يجوز الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر مسبَّب ولمدة محددة، وفقاً لما ينص عليه هذا النظام) من الفصل الخامس «ضبط الرسائل ومراقبة المحادثات». وتناول نظام المطبوعات والنشر الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/32 بتاريخ 3-9-1422. حرمة الحياة الخاصة كما نصت الفقرة الرابعة من المادة التاسعة على «ألا تؤدي إلى المساس بكرامة الأشخاص وحرياتهم أو إلى ابتزازهم، أو الإضرار بسمعتهم، أو أسمائهم التجارية». عالج نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، الصادر بالأمر الملكي رقم م/17 وتاريخ 8-3-1428، هذه المسألة بشكل صريح ودقيق، وتعرض للمساس بالحياة الخاصة عبر الهواتف النقالة «الأجهزة الذكية»، فنصت المادة الثالثة من النظام كما بالفقرتين الرابعة والخامسة (على حرمة المساس بالحياة الخاصة، عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها. والتشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة). وحددت عقوبة ذلك بالسجن مدة لا تزيد على عام وبغرامة مالية لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. خلاصة القول، إن الحق الخاص في دعاوى التصوير يكون التعويض فيها عن الضرر المعنوي، وهذا غير معمول به في محاكم المملكة -على تفصيل ليس هذا محله سأتعرض له في مقالة منفصلة-، وإنما تنظر دعوى الحق الخاص، كدعوى جزائية، ويحكم فيها ناظر القضية وفقاً لقواعد التعزير العامة، من سجن أو غيره. وتنظر الدعوى الخاصة أمام المحكمة التي نُظر أمامها الدعوى العامة، وهي من اختصاص المحاكم الجزائية. * كاتب سعودي. alzghaibi@