عبدالعزيز الحصان التقرير الكندية قد يكون من الغريب أن نتحدث عن مكونات دينية في تشكيل دستوري يسعى للإصلاح، ولكن يجب فهم أن عملية تصميم الدساتير، هي مرتبطة بمكونات الواقع وقراءته كما هو، وليس من خلال أدوات أيدليوجية بحتة، سواء كانت علمانية أو دينية، فالدستور هو مجرد عقد اجتماعي، يجب أن يكون انعكاسًا للواقع المجتمعي، وفق مكوناته الموجودة في ذلك العصر وذلك المكان، ويتيح للجميع حقوق متساوية، ويرسخ العدالة للجميع، بغض النظر كانوا من الأغلبية أو من الأقلية، فالعدالة والحقوق للجميع، هي مكون أساسي لترسيخ وجود وطن أو لإيجاد وطن يستوعب الجميع. العبرة هنا، ليست بأنك سني أو شيعي، بالمعنى الاصطلاحي لهما، وإنما بالمعنى السياسي، وطريقة استخدام الحكومة لهذه المقومات السياسية، فأي حديث هنا يتحدث عن الشيعي أو السني أو تكتل سني أو شيعي، فالمقصود به سياسيًا، على اختلاف درجات الطيف الفكري داخل كل مجتمع. الملاحظ، أنه يوجد تكتل شيعي سياسي جيد، استطاع خلال الفترة الماضية أن يكون مفاوضًا للحكومة في القضايا التي تهمه، بقيادات سياسية معروفة، تمكن من خلالها من إيجاد وسيلة حوار مباشرة مع السلطة، تمكن من خلالها أن يرفع المنع من السفر عن شخصيات شيعية بارزة، خلال أسابيع قليلة. وفي نفس الوقت، هذا الحشد السياسي الشيعي، تمكن من رفع الحظر على المنع من التظاهرات، وأصبح التظاهر والتجمع في المناطق الشيعية أمرًا طبيعيًا، بسب القوة السياسة لهذه الحشود، وبسبب رغبة الحكومة بأن تستخدم هذه الحشود لتخويف السنة منهم وبأن لهم مطالب أجنبية، إلى غير ذلك من الأطروحات التي يختلط فيها ماهو حقيقية بأوهام عديدة. يضاف إلى ذلك، سعي التكتل السياسي الشيعي لإطلاق كافة السجناء السياسيين الشيعة، سواء كانوا متهمين بالعنف أو غير ذلك. يحوي التكتل السياسي الشيعي، كافة أطياف المجتمع الشيعي إلى حد كبير. في الطرف المقابل، يوجد الآلاف من السجناء السياسيين السنة داخل السجن، عدد كبير منهم متهم بالعنف، بالإضافة إلى علماء ومفكرين وسياسيين موجودين في السجون، لمطالب كانت بأدوات سلمية. المتهمون بالعنف، لم توجد لهم محاكمات عادلة حتى يتبين حقيقة من ارتكب عنفًا يجب أن يجازى عليه ومن غير ذلك. في مقابل التكتل السياسي الشيعي، تجد تفككًا سياسيًا سنيًا أمام الحكومة، مما جعل الحكومة تستخدم البعض لضرب الآخر، وأصبح مصطلح إرهابي يطلق بسهولة على أي شخص سني، ولا تجد أحدًا يدافع عن حقوقه كإنسان، فضلًا عن أنه في حالات كثيرة لم يرتكب أي عنف، مما وصل الأمر بأشخاص إلى اتهام أي مخالف لهم بأنه داعشي أو إرهابي؛ لأنه يختلف معهم في وجهات النظر، وتستخدم الحكومة هذا المصطلح بأريحية مع أي سني، ولا تستخدمه مع أي شيعي. بل وصل الأمر، إلى أن أشخاصًا يعملون في مجال حقوق الإنسان، يقومون باستخدام هذا المصصلح بأريحية، مادام أنه ضد أشخاص يختلفون معهم. يضاف إلى ذلك، انكفاء القيادات والرموز السنية على نفسها، أو أن تصبح ظلًا للحكومة، مما أنتج ملاحقات لهذه القيادات بالسجن والمنع من السفر وغير ذلك من وسائل التضييق، تقوم الحكومة بضرب عدة تيارات تعد ضمن البوتقة السياسية السنية ضد بعض. من الأسباب التي تعوق إيجاد تكتل سياسي سني، هو الاعتقاد بأن حكومات الخليج في مجملها تمثل السنة، والحقيقة أن هذه الحكومات لا تمثل إلا نفسها، ووفق مصالحها ستتلاعب بهذا الطرف أو ذاك، سواء كان سنيًا أو شيعيًا، إذا تبين هذا الأمر فإنه من المهم إيجاد تكتل سياسي سني يسعى للإصلاح، وإيجاد دستور يستوعب الجميع، ويحفظ حقوق الشيعة قبل حقوق السنة، وليس بأن تتحكم الأقلية بالأكثرية، أو تظلم الأكثرية الأقلية. لماذا في هذا الوقت بالذات الحاجة ماسة لمثل هذا التكتل؛ لأنه من الوسائل المتاحة التي تكون الطريق لإيجاد إصلاح دستوري، يحفظ فيه الجميع، قبل أن تستخدم الحكومة وقوى دولية ورقة الأقلية بشكل كبير، للاستمرار في عملية الفساد السياسي في المنظومة، وسيكون ذلك على حساب الأغلبية، فيجب أن نعترف بأنه هنالك مظالم ارتكبت على الشيعة، كما هنالك مظالم كذلك ارتكبت على السنة، وعلى سبيل المثال إن وجدت بطالة عالية في مناطق شيعية في الشرق، فهي موجودة بشكل أكبر في مناطق سنية في الشمال، والحال ينطبق على التنمية السيئة في عدة مناطق في الشرق والشمال والجنوب، والسجناء السياسيون أكثر لدى السنة، حتى بقياس نسبة وتناسب على عدد السكان. المظالم تعم الجميع، وعلى الجميع السعي سويًا للحصول على حقوق للجميع. وعلى كافة الأطراف، سواء سنة أو شيعة، أن يعملوا لصالح الوطن وصالح الجميع ، فليست مشكلة أن تعمل بمفردك أو ضمن تكتل سياسي، مادمت تعمل لصالح الوطن، وليس لمصالح فئوية أو طائفية. هذا وطن الجميع، الذي يؤمن بالعنف والذي يؤمن بالسلمية، المهم أن لايستخدم العنف خارج الشرعية السياسية من قبل أطراف حكومية، ولايستخدم إطلاقًا من قبل جماعات متطرفة أو أفراد، فإيمانه بالتطرف ليس مشكلة، كما هو موجود في أوروبا وغيرها من جماعات متطرفة، لكنها تستطيع أن تعبر عن نفسها بأدوات سياسية سلمية، وهذا أمر مقبول في أي مكان، وليس لدينا مانع أن تؤمن الحكومة بالعنف والاستبداد، بشرط أن يكون إيمانًا فقط، ولا تستخدم هذ العنف والاستبداد ضد أيّ من مقومات شعبنا، سنة أو شيعة، الرجال أو النساء. بالتأكيد، إن هذا الحديث لن يعجب البعض، وسأتهم بالطائفية لمجرد توصيف للواقع، بينما الواقع أنني لا أرضى بأن تستخدمني الحكومة أو غيرها لظلم سنة أو شيعة. في الوطن الجميع متساوون، فما تفعله بعض الأطراف الشيعية من التحريض على بعض السنة، بحجة مكافحة الكراهية، هو أمر يقوم به بعض الأطراف السنية بالتحريض على بعض الشيعة، لأسباب مختلفة. إن هذا الاستغلال السياسي للدماء، يجب أن يتوقف من كل طرف، رحم الله جميع من ماتوا في هذه الفتن المرتبطة بالعنف السلطوي، والعنف المضاد، ورزقنا طريق الحق والعدل، ورفع الظلم عن الجميع.