مكة أون لاين - السعودية تقتضي الضرورة أن توضع تعريفات في ديباجة كل قانون معتمد قبل الشروع في سرد مواد هذا القانون. فهذه التعريفات ضرورية من أجل ألا يساء استخدام مواد هذا القانون أو يساء تفسيرها. وغالبا هذا هو المعمول به لدينا وفي كل دول العالم والشركات والمؤسسات الربحية وغير الربحية. الذي ألاحظه في قوانين العقوبات أو الجرائم لدينا ولاسيما في الجرائم السياسية هو أن «مصطلحات التهم» التي توجه للمتهمين هي في مجملها تُهم مستمدة من التراث الفقهي، وهذا بالطبع مفهوم، لكون الدولة تعتمد على الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع، والأحكام الجنائية ترتكز على التراث الفقهي، كالقتل والسرقة والحرابة والغيلة والقسامة وغيرها، لكن في المجال السياسي قد يحتاج الأمر إلى مزيد من التوضيح والتطوير، لأن استخدام هذه المصطلحات في المرافعات دون وجود تعريف دقيق لها في المدونات القضائية الرسمية قد يجعل المشهد ملتبسا وتبدو الصورة غير واضحة، فمثلا مصطلح «خروج على ولي الأمر» يحتاج لأن يعرّف تعريفا عصريا دقيقا كجزء من مشروع تطوير القضاء، فيعرّف مثلا بأنه: «الدعوة لإسقاط النظام السياسي»، وهذا يخدم الدولة والمجتمع معا لتلافي توجيه هذه التهمة ضد - مثلا- من يدعو لتطوير النظام السياسي. ومصطلح «تأليب الرأي العام» مفترض أن يعرّف بشكل دقيق، لأن التهمة فضفاضة وقد يتسبب ذلك في جعل المشهد ضبابيا أمام مجلس القضاء، ومثله مصطلحات كثيرة ك»الإخلال بالطمأنينة العامة» و«تعطيل مسيرة التنمية» و«نشر الفرقة والشقاق» و«مخالفة الأسلوب الشرعي في مناصحة ولي الأمر» وغيرها كثير. فالمواطن لا يعرف بالتحديد ما هي الأشياء التي تنطبق عليها هذه التهم، مع عدم وجود تعريفات رسمية لها. وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار الاتفاقيات التي انضمت لها الدولة والتي أصبحت في حكم القانون الداخلي وإعادة تعريف هذه المصطلحات بما يتناسب مع واقع المملكة بعد توقيع هذه الاتفاقيات، فمثلا المملكة انضمت لاتفاقية «الميثاق العربي لحقوق الإنسان» و»الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري» و«الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد»، وهذه الاتفاقيات تضم عددا من الحقوق التي من أجلها ينبغي أن تعرّف مصطلحات التهم رسميا حتى لا يكون هناك أي لبس، وتتضح الصورة أمام الدولة والمجتمع معا للمضي في مشروع التطوير لتعزيز الجبهة الداخلية أمام التحديات الإقليمية والدولية.