بوابة يناير - القاهرة على المقهى المجاور للمنزل سحبت الكرسي إلى الركن الهادئ في أخر المقهى وجلست وأنا أنظر إلى الهاتف مترقباً للحظة إعلان شركة "أبل" عن الإصدار الجديد لهاتف "أي فون". بينما أنا منهمك في متابعة البث المباشر لمؤتمر عرض الشركة لمزايا هذا الهاتف الرائع، سمعت زفيراً خلفي، فالتفت فجأة فوجدت أحد الجيران يترقبني وعلى وجهه إبتسامة مصطنعة لم تستمر على وجهه كثيراً حيث قال بدهشة: - بتتفرج على إيه ؟؟ سكس ؟؟ - نعم.. بتفرج على "أي فون – سكس" عبد الهادي حسن.. في منتصف عقده السادس، موظف سابق في شركة الكهرباء، أب لثلاثة أولاد وبنتين وصديق وفي لثلاثة أمراض : السكر/ الضغط/ السيسي. كرهه للإخوان حول حبه للسيسي إلى مرض أينما ذكر اسم "عبد الفتاح السيسي" تتوقف جميع حواسه فجأة ويتحول إلى إنسان ألي يقول جملة واحدة "سيادة المشير عبد الفتاح السيسي هو الي أنقذ مصرمن الإخوان والخونة ورجعها لنا بعد ما كانت مخطوفة وعلى وشك تضيع زي سوريا والعراق وليبيا" صمت "عبد الهادي" للحظات عندما وقعت عيناه على المؤتمر العالمي لشركة "أبل" والذي يترقبه العالم ثم قال: -كل الهيلمان ده عشان حتة تليفون ؟؟ أوقفت الجملة تفكيري للحظات وكأني مثل "عبد الهادي" لا أفهم قيمة حدث كهذا.. حتي أطلق رصاصة الرحمة التي أعادت لي عقلي عندما استطرد قائلاً: - أومال لو كانوا هيحفروا قناة سويس زينا .. كانوا هيعملوا إيه ؟؟ - كان زمانهم بيسبوا ويلعنوا وقاعدين على القهوة لأن الكهرباء قاطعة في بيوتهم، وكان زمانا بنبصلهم نظرة شفقة على البؤس الي هما عايشين في عالمهم التالت والفاشية الي بقت اسلوب حياة للمواطن وأداة حكم للدولة.. والأهم من كده إن كان زمان أوباما بيتفاخر بأن في جيبه تليفون مصنوع في مصر. هكذا قررت أن أعاقب عبد الهادي بعبارات متتابعة لا يستطيع أن يتفهم المغزى منها.. ليس بسبب جهله فهو حاصل على شهادة عليا ولكن بسبب شيفونيته الكاذبة التي يؤمن من خلالها أن مصر أعظم دول العالم في كل شيء والجميع يسعون إلى التنكيل بها.. فهذه الشيفونية الكاذبة صفة أساسية من صفات المواطنين الشرفاء/الدولجية وازدادت قبحاً عندما قرر السيسي أن يضغط على هذا المعنى سعياً منه بأن يصير كل مصري دولجي.. ومن يأبى حتماً هو إخوانجي. - انت عارف يا "عبد الهادي" ان التليفون ده متوقع له أن يكسب الشركة 100 مليار دولار السنة دي.. يعني قد قناة السويس في سبع سنين! كتم عبد الهادي أنفاسه وكأنما يريد أن يستوعب الصدمة في صمت بدلاً من أن تخرج عنه حركة قميئة من فمه.. ثم قال بتهكم: - العيب مش عليهم .. العيب على الي بيشتروا من الأمريكان.. انت هتشتري التليفون ده ؟ - أكيد ان شاء الله. - بدل ما تصرف فلوسك في الهلس .. اشتري شهادات قناة السويس وادعم مصر والسيسي. قال عبارته الأخيرة ملوحاً بيده وقبل أن يعطين يظهره ويذهب من حيث أتى. ماذا لو اشترى السيسي "أي فون – سكس" .. هل سيغضب عبد الهادي؟