مكة أون لاين - السعودية وهؤلاء أين يذهبون؟ أقصد الأئمة والخطباء الذين تطوي وزارة الشؤون الإسلامية قيدهم، بسبب تشددهم وتطرفهم، أو انحرافهم الفكري. نقرأ بين الحين والآخر طي قيد العشرات من هؤلاء، في ضوء تقارير اللجان التي تقوم بمتابعة الأئمة والخطباء، وتعطيهم فرصا كثيرة بعد مناقشتهم، ثم لا تجد بدا بعد ذلك، سوى أن توصي بطي القيد، أي الفصل، والوزارة لا شك لديها مبرراتها المقنعة لقرارات الفصل التي تتخذها، سواء كانت تلك المبررات تتعلق بالتقصير، أو بالتشدد والتطرف، وانحراف الفكر، فالوزارة تدرك أن المسجد ما زال وسيظل أقوى وسائل الإعلام على الإطلاق لأسباب عديدة أهمها، إقبال الناس على المساجد وخاصة يوم الجمعة، وتأثرهم وقبولهم لما يقوله خطباؤها، ومن المؤكد أن أي خطيب أو إمام متطرف، أو منحرف الفكر سيؤثر في عدد غير قليل من الناس، ولهذا فطي قيده أفضل لا شك، لكن هنا تنشأ عدة أسئلة، أتصور أن إجابتها من قبل الجهة المختصة في الوزارة تهم الناس، خاصة في هذه المرحلة التي تقاوم فيها بلادنا الإرهاب المسلح، وكل فكر أو خطاب يفضي إليه. هذه الأسئلة تتمحور حول هؤلاء الأئمة والخطباء الذين طوي قيدهم، أو الذين في الطريق إلى ذلك بسبب تطرفهم أو انحراف أفكارهم، فهل هذا التشدد والانحراف كان موجودا لديهم أصلا وأخفوه عن لجان الوزارة أثناء مقابلاتهم التي تسبق تعيينهم؟ أم أنهم اكتسبوا ذلك التشدد والانحراف بعد مزاولتهم الإمامة والخطابة، ومن أين تأثروا إجمالا؟ ثم ما هي طبيعة ذلك التشدد والتطرف، وما نوعية الأفكار المنحرفة لديهم، وما هي حججهم في الإصرار على ما هم عليه أثناء نقاشهم مع لجان المراقبة والمتابعة؟ إجابات هذه الأسئلة مهمة جدا في نظري، فهي ستكون بمثابة وعي عام يجب نشره بين الناس عن التطرف والأفكار المنحرفة، سيما وأن تشخيص وتوضيح هذه الأفكار في مجتمعنا ليست بالمستوى المأمول الذي يجعل عموم الناس على بينة منها، ولا يستطيع أحد أن يخدعهم بها مرة أخرى وخاصة الشباب، والأمر الآخر لإلغاء تعاطف البعض مع هؤلاء المفصولين دون أن يعلموا الحقيقة كاملة من جانب الوزارة. وعودة إلى سؤالي في البداية أين يذهب هؤلاء المتطرفون أو المنحرفون فكريا بعد فصلهم، وهم على تشددهم وانحرافهم؟ ألا يخشى أن يتحولوا إلى العمل في السر واستقطاب أتباع ومريدين ومتعاطفين، وبالتالي يتحولون إلى منابع لتغذية الإرهاب؟ أسأل لأنني أشعر بأن المسألة خطيرة ومعقدة، والإرهاب دائرة يتطلب كسرها والخروج منها إلى مصارحة ومكاشفة فكرية بشجاعة ووضوح وصدق، لأن مكافحة الأعراض لن تجتث المرض، والمرض واضح أنه في الفكر الديني المتطرف المنغلق المتغلغل في بيئتنا، الذي جعل شبابنا حطبا لكل نار إرهاب تشتعل في أي مكان من الدنيا. إذا لم نستشعر جسامة خطر غياب المكاشفة والمصارحة حول المنهج والفكر، فأخشى أن نجد أنفسنا غداً ونحن نتلاوم، ونسمع من يشمت قائلا: يداك أوكتا وفوك نفخ.