الحياة - سعودي أثارت تصريحات وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل التي أشار فيها إلى أن التعليم في السعودية كان مختطفاً من المتشددين حنق تيار التطرف وأوليائه ومواليه الذين طفقوا يخصفون على عورة منهجهم المبررات وصرخات الإنكار، وهذا أمر جيد برأيي، فليس من المعتاد في العالم العربي أن تكون تصريحات المسؤول أكثر جرأة من تصريحات منتقدي أداء القطاع الذي يشرف عليه، وهذا ما طالبنا به دائماً.. أن يقود المسؤول قاطرة التصحيح بنفسه لا أن ينتظر دفعها من الآخرين. في ال23 من كانون الأول (ديسمبر) الماضي كتبتُ هنا مقالة بعنوان: «خالد الفيصل.. مربياً» وصفت فيها الأمر الملكي الكريم بتعيين الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم ب«البشارة» الأهم والأبرز للسعوديين مع نهاية عام 2013، وأشرت من خلالها إلى أن أمام الفيصل ملفاً ضخماً جداً وأرشيفاً ضخماً ومهمة غاية في الصعوبة والحساسية، وهو - بلا شك - فارس المرحلة الذي نعلق عليه آمالنا ومستقبل أبنائنا، ولذلك عنونت مقالتي هذه بمناداة الأمير بكنيته كونه أباً قبل كل شيء تحدث بعاطفته الأبوية وبوعيه الإداري عندما فجَّرها صريحة بقوله عن اختطاف المتشددين للتعليم: «كان المجال بأكمله لهم، ولم يكن هناك مجال للفكر السعودي المعتدل ومنهج الاعتدال.. تخلينا عن أبنائنا واختطفوه». مشكلة خاطفي عقول أبنائنا أنهم مفضوحون تماماً، فما كاد تصريح الفيصل ينشر حتى أغرقوا شبكات التواصل بالنفي والتشكيك، وهذا دأبُ كل محتال تكشفت خيوط حيلته، فليس باستطاعته النقاش والحوار حول القضية وردّ الحجة بالحجة، فيضطر إلى التشكيك والتكذيب مباشرة، بل والنيل بشكل شخصي من فاضحه، والتدليس على الناس بتصوير نفسه خارج إطار الاتهام عبر تمرير عبارات تدين جماعته، وهذا ما اعتدناه منهم طوال عقود حورب خلالها الوطنيون الذين كانوا ينتقدون اختطاف التعليم فوُصِفوا بالعلمانيين وربما كُفِّروا وشُوِّهت سمعتهم، كل ذلك لأنهم نادوا بمنهج الاعتدال السعودي وعدم الزج بالعملية التربوية في غياهب التشدد الظلامي. يا أبا بندر نقولها لك بكل صراحة: سر والوطن كله معك، ولا تلتفت إلى الخلف، فمنهج التصحيح ليس نزهة قصيرة، بل ستواجه فيه المصاعب، لكنك الأقدر على إعادة تعليمنا إلينا، وحماية أبنائنا ممن يريد تحويل مستقبلهم إلى دوامة ظلام خارج التاريخ والحضارة الإنسانية. التصحيح الشاق الذي ينتظرك يا أبا بندر - كما أرى- ينبغي أن يسير في مسارين متوازيين، أحدهما تطهير البيئة التعليمية من الثقوب السوداء المتمثلة في ناشري الفكر الضال، وثانيهما الانطلاق نحو الغد بعملية تحديثية كاملة وفق منهج الاعتدال السعودي، فمدارسنا بحاجة إلى عودة ثقافة الحياة لها، بعد أن دُفنت أعواماً طويلة بثقافة الموت، وهذه مسألة تحتاج إلى جراحة كاملة لاستئصال الأنشطة اللاصفية الحالية واستبدالها بأنشطة تسهم في تنمية الحس والذوق الفني لدى الطلاب، وما ذلك على مثلك بعسير. [email protected] Hani_Dh@