الوطن - السعودية المبالغة في الشيء مرفوضة.. أحياناً توردك المهالك.. حتى في "الدين" أساس حياتك.. المبالغات مرفوضة.. مرفوض أن تصوم ولا تفطر، مرفوض أن تقوم الليل ولا تنام، مرفوض أن توغل في "الدين".. ورد في الأثر الكريم "لن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه".. - من المبالغات الممجوجة التي لا تجدها سوى هنا، مسألة العناية بالعمالة الوافدة.. حيث يشغلنا البعض بأعمال قليلة النفع، عظيمة الصخب والضجيج.. فيجعلون من صورة شخص يتناول الطعام مع عامل نظافة حديث الموسم.. وصورة آخر يقدم له العصير قضية تشغل الناس.. بينما هذا العامل يبحث عن حقوقه الأساسية من راتب يسد حاجته وسكن يلائم إنسانيته! تنشط هذه الأيام في مواقع التواصل الاجتماعي نداءات - تصب في هذا الاتجاه - للرفق بالعمالة، يجتهد البعض في تقديم "الاقتراحات الحنونة".. و"الأفكار الرقيقة".. فيأتيك من يقترح عليك أشياء من الممكن تقديمها لهذا العامل.. بداية من توزيع المياه الباردة، والعصيرات، وتصل لتوزيع مبالغ نقدية، وبطاقات مسبقة الدفع! هل وجدتم مجتمعا يتكاتف لصناعة المتسولين النظاميين ويشجع انتشارهم مثلنا؟! - هؤلاء العمال لا يريدون منكم قبلة على الرأس، ولا دعوة على الإفطار، ولا علبة عصير، ولا علبة ماء.. هذه سلوكيات طيبة، نعم، لكنها لا تقدم ولا تؤخر شيئاً في حياة العامل.. هذا متاع زائل بالنسبة له، مرتبط بالحماس الوقتي.. يتفاوت من منطقة لأخرى، من حي لآخر.. من إنسان لآخر! - هم لا يريدون كل هذا.. هؤلاء يريدون منكم أن تحترموا آدميتهم فقط.. لا تحقروهم، لا تهينوهم، لا تحطوا من قدرهم.. يريدون منكم أن تعطوهم رواتبهم أولاً بأول.. يريدون منكم أن توفروا لهم سكناً يليق بآدميتهم.. يريدون منكم ألا تبخسوهم حقوقهم.. - حينما يتم توفير هذه الضروريات للعامل لن يكون بحاجة لعلبة عصير، أو " قارورة ماء".. سيعيش بكرامته، تماماً كالعامل الموجود في شوارع العالم من حولنا.. هناك، حيث لا أحد يوزع العصيرات بالمجان!