الاقتصادية - السعودية مازحني أحد الأصدقاء قبل عامين، واستخدم برنامج "فوتوشوب"، ووضع صورتي مرتديا "البشت"، بجانب فنانة عربية وهي ترتدي فستان زفاف، ونشرها في حسابه على تويتر معلقا: (ألف مبروك زواج صديقي سطام بالفنانة "......."). ولأني "بيتوتي"، ولا يمكن أن أغيب عن منزلي إلا عند مزاولة عملي، ولأني لا أمارس السفر دون صحبة أسرتي، فالشكوك غالبا لا تحيط بي خاصة فيما يتعلق بالزواج، وبالتالي مرت المزحة "بردا وسلاما"، وقبلتها بابتسامة بعد أن وعدني الصديق بألا يكررها. في السعودية وحدها تنتهك الحريات الشخصية من تصوير مقاطع وتسجيلات صوتية وسط قوانين "ناعمة" لا يمكن ردعها أو الوقوف بحزم أمام المنتهكين للخصوصيات، ففي كل يوم نشاهد مقطعا أو تسجيلا أو صورا تنتهك الخصوصية ويتم بثها في مواقع التواصل الاجتماعي ك "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب". ورغم أن الأصل "هو إماتة الباطل بالسكوت عنه"، إلا أننا كمجتمع نتفنن في نشر الشائعات وهتك أسرار الغير وبثها عبر كل وسيلة بث، والسبب هو عدم وجود قوانين صارمة تردع المنتهكين خصوصية الآخرين ومعاقبة كل من يسهم في نشرها. انتهاك خصوصية الآخرين مُجرّم دوليا ويعاقب فاعله بصرامة، فبالأمس ألقت شرطة دبي القبض على شخصين قاما بنشر مقطع فيديو لجثث عمال توفوا في حادث سير مطلع الأسبوع الجاري وتم تسجيل بلاغ ضدهم وتحويلهم للنيابة العامة، وقد أفصحت شرطة دبي أنهم قاموا بانتهاك حرمة "موتى" وتجب معاقبتهم وفق القوانين الصارمة التي تنتهجها حكومة دبي. شرطة دبي وفور انتشار المقطع لم تتأخر ولم تنتظر شكوى أهل الضحايا لتبادر بملاحقة المصورين، بل قبضت عليهم خلال ساعات معدودة وتم إيقافهم وإحالتهم للتحقيق. تخيل لو أن السلطات السعودية تبادر بملاحقة مصوري الحوادث المرورية والقبض عليهم وتقديمهم للتحقيق والمحاكمة، فكم من سعودي سيتم سجنه؟! .. عني أجزم أن الشعب جُلّه سيكون عرضة للملاحقة، فنحن مدمنون للتجمهر حول الحوادث وتصويرها. لا شك أن في السعودية ثمة قوانين وملاحقات لمنتهكي الخصوصية ولكنها "ناعمة" وغير قاسية ولا يمكن لها ردع المنتهكين والحد من تلك التصرفات التي لا يقرها لا دين أو عُرف أو تقاليد .. هؤلاء المنتهكون للخصوصيات لن يردعهم إلا القسوة في العقاب والتشهير بهم.