الشرق - السعودية الفساد لغته واسعة وضروبه كثيرة، ومع الأسف أننا جزء منه ونحن نعلم وقد لا نعلم. فمن منا لم يدُر بخلده يوماً أن يستعين ب(واسطة) لتمرير معاملته؟ أو قبوله في إحدى الوظائف؟ أو قبول ابنه أو قريب له في إحدى الجامعات أو البعثات؟ كم واحد منا راوغ حتى لا يصطف مع المراجعين في طابور طويل؟! كم تختزن هواتفنا من الأرقام المهمة؟ فهذا في البلدية والآخر في الصحة وثالث في المرور ورابع في التعليم وخامس في المالية وسادس وسابع وهكذا تطول القائمة... ويطول حبل الفساد وتهمش اللوائح وتركن الأنظمة لتطبق على من لا يملك قائمة ب(المعارف) و(الواسطات) ثم نقول بعدها إننا نعيش في فساد، ألسنا نمارس بعض أوجه الفساد؟! وإذا كانت إجابتنا بلا فبماذا نسمي ما سبق ذكره؟ قد يقول بعضنا إن بعض تلك المواقف لا تعد فساداً بقدر ما تعد منفعة للناس، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول (خير الناس أنفعهم للناس)، وأقول له نعم تكون منفعة عندما لا تكون على حساب الآخرين. لكن أغلب المواقف اليوم تقوم على مضرة الآخرين، فتمرير معاملتك أمام غيرك يعطل غيرك ويستنزف وقته، ودخولك من الأبواب الخلفية حتى لا تقف في الطابور يجعل غيرك يقف وقتاً أطول، وتطبيق النظام على غيرك وأنت لا يضر بغيرك وبالمجتمع كله. إذن الفساد جبلة فينا جُبلنا عليها وتداولناها بيننا وأسقيناها أبناءنا فأصبحنا جزءاً من المشكلة، وحتى لا تلتصق بنا قذفناها على أجهزة الدولة -وهي ليست براء منه- ولكن حل المشكلة يبدأ من عندنا وينتهي عندنا لكي نعيش في مجتمع بلا فساد.