مكة أون لاين - السعودية يوم 12 أبريل الماضي حضرت اجتماع مجلس إدارة بورصة دبي للماس الذي أتشرف بعضويته للدورة الثانية. ناقشنا ضمن جدول الأعمال تفاصيل مؤتمر تمهيدي عقد في باريس لوضع قانون جديد غير «معاهدة كمبرلي» التي تحكم نقل الماس دولياً. وهدف القانون زيادة ضمان عدم استخدام الماس في تمويل الحروب الأهلية أو تشغيل الأطفال أو الإرهاب. وجدنا أن ممثلي دولة غربية كبرى تدعي أنها راعية حرية التجارة قد تعسفوا في محاولة تمرير القانون المقترح بألفاظه المطاطة، رغم الاعتراضات عليه، فالقانون فضفاض العبارات مائع الألفاظ، وحين تكون هذه صفات أي قانون فإنه غالباً يستخدم ضد كل من له رأي مخالف. فمشروع القانون ينص على مقاطعة الماس من الدول التي بها اضطرابات أو انفلات أمني أو سيطرة حزب يرعى الإرهاب أو انقلابات عسكرية أو أحكام عرفية سواء أعلنت دستورياً أم لم تعلن، والعديد من الألفاظ المطاطة. فمثلاً استخدام القانون لفظ instability دون تحديد لمعناه الدقيق أو لدرجته. ولم يحدد القانون الانقلاب العسكري هل هو المقرر سابقاً والمعروف عامة أو ما استجد من ألفاظ تجميلية تطلق عليه. فتلك الصفات المائعة يمكن أن تنطبق على أي منطقة استخراج ماس إن أرادت دولة مهيمنة مقاطعتها. فيكفي أن تحرك لها جماعة NGO لتصفها بإحدى تلك الصفات المطاطة مثل التي سببت فيلم BLOOD DIAMOND عام 2006م الذى ضر بشدة سوق الماس. تعرضت زمبابوي بسبب معاهدة كمبرلي لمقاطعة قاسية لصادرات الماس من عام 2009 إلى عام 2011 فتضررت كل الخدمات الاجتماعية فيها. إن الماس هو الحياة لكثير من الدول الأفريقية فبوتسوانا مثلا يشكل الماس 48% من دخلها القومي. أي قانون يجب أن يكون واضح المعاني وضوحاً لا لبس فيه. فكم من الجرائم ممكن أن ترتكب بسيف القانون، وكم من ظلم ممكن أن يغلف بمواده. قلت إن سمو الهدف يجب ألا يبرر قذارة الوسيلة. ما الذي دهى العالم من الألفية الثالثة؟ أبعد أن استبشر الناس بتعاظم التجارة الدولية وبامتداد الحريات وانفتاح المعارف ينتكس الناس؟ أبسبب الخوف على المصالح والاستثمارات والاحتكارات تداس المبادئ والقيم؟ وألا عجب أن تداس القيم بقانون؟ إن القوانين تقرر للحماية لا للتهديد، ولا للترهيب. كل الكتل الأفريقية المصدرة للماس ممكن أن تقاطع تجاريا بتلبيسها بأي من تلك الألفاظ الفضفاضة للقانون، يكفى أفريقيا ما تحملته من الظلم. إن القانون الذي يكرس الظلم لا يستحق المداد الذي سودت الأوراق مواده. قلت لزميلي في المجلس المؤيد للمقاطعة: كأني بالإنسان لا يتعلم من التجارب، فمن اليقين الذي لم يعد ثمة شك فيه أن المكارثية قد أعاقت الإبداع في أمريكا لسنوات وقوضت الحريات لديهم محلياً، أتمد بعد ذلك دولياً؟ أتخلق مكارثية جديدة في القرن الواحد والعشرين؟ ثم ينبري من يدافع عنها؟ ألا قاتل الله السيناتور مكارثي وصبيانه. قلت لزميلي في المجلس أخشى أن يمر العالم بانتفاضة قوية على الكبت والظلم والحرمان بعد أن شرعت قوانين تساهم في فرض ذلك بدلاً من قوانين تكسر النوافذ والقيود. وقلت له إن الرجولة الحقة تحتم علينا أن نكون أصحاب رأي قبل أن نكون أصحاب مصالح، وكأصحاب رأي علينا أن نقف ضد العبث والظلم الذي يتم باسم القانون، فصاحب الضمير يجب أن يقف ضد الظلم وإن مس منافسه أو خصمه. وأخيراً قلت له إن الماس نادر ولكن ذوي الرجولة اليوم أندر.