مال - السعودية عندما تراجع البلدية المسئولة عن حيّك لإصدار رخصة بناء أو رخصة محل أو شهادة إتمام البناء أو أي حاجة بلدية لديك، فإنك ستتعجب من طريقة تطبيق الموظفين للنظام، حيث لا يبقى من النظام إلا اسمه، أما كيفية ممارسته عليك فستريك العجب، وهذا الأمر ينطبق أيضا على مراقبي البلدية الميدانين من حيث مراقبة المحلات والمنازل وغيرها، فلكل بلدية طريقة ومنهاج، بل أن لكل مراقب أسلوب مغاير عن زميله. وعند النظر لتلك المفارقات البلدية في تفسير وتطبيق الأنظمة، نجد أنفسنا حائرين ومتألمين من هذا التناقض والتباين في الوقت الذي ننتظر أن تكون البلديات أقرب ما يكون من المواطن والتاجر عبر تنظيم وتبسيط وتسهيل فهم الإجراءات المعقدة والمتغيرة دوماً. فلو أخذنا مدينة الرياض مثالا، وهي المدينة المخدومة بستة عشر بلدية فرعية كلها خاضعة لجهاز أمانة مدينة الرياض، وكلها جهات تنفيذية وليست تشريعية، نجد أن المراقبين في إحدى تلك البلديات يشنون حملات مستمرة على الباعة المتجولين، بينما تجد بلدية أخرى لم تتابع هذه المخالفة إطلاقا، وقد تقوم بلدية ثالثة بالتفتيش على المحلات المخالفة بشكل دوري ومتقن وشديد، في ظل ان البلدية المجاورة لا تعرف عن المحلات في نطاقها شيئا إلا إصدار رخصها فقط. كما أن مراجعة المواطن لغرض إصدار شهادة اتمام البناء يقابل بتفاوت عجيب جدا بين البلديات، فقد تصدر احدى البلديات غرامة ضخمة على مواطن نظير مخالفة بسيطة في البناء، بينما قد يغرق مواطن آخر في مخالفات البناء ولا يتم محاسبته أو حتى النظر في مخالفته، وكذلك الحال أيضا في اجراءات اصدار رخص المحلات، حيث أن أحد البلديات معقدة الاجراءات والمتطلبات، في حين يمكن إصدار رخص المحلات دون عناء في بلدية فرعية أخرى. إن توحيد الانظمة والاجراءات لا يحتاج إلى معجزة أو نظام ابتكاري، بل تحتاج إلى توحيد الجهود من أمانات المدن ورؤساء البلديات الفرعية، والعمل على تطبيق نظام لقياس جودة الأداء على الموظفين، والمتابعة الإلكترونية لتطبيق المخالفات والزيارات الرقابية، وتطبيق أساليب التفتيش الذكي على المخالفات، كل هذا جدير بإعادة الثقة بين المواطن وأداء البلديات المسئولة عن شئونه في المدينة.