نظام الحماية من الإيذاء مولود طال انتظاره، فهو حمل استمر سنين عدداً ومع ذلك لم يزل (خديجاً) غير مكتمل النمو، ذلك أن هدفه الأسمى كان لحماية الطرف الأضعف ولردع الجاني الأقوى عبر عقوبات مشددة وآليات تنفيذ سريعة صارمة لا تمنح الجاني فرصة إطلاقاً للاستمرار في عدوانه، أو لمزاولته مستقبلاً كما يحدث اليوم، لكن ثمة بوادر غير مطمئنة بأن الحال لن يتحسن كثيراً. خذوا مثلاً عقوبة الإيذاء التي لن تزيد عن حبس سنة ولا تقل عن شهر أو غرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف ريال ولا تزيد عن 50 ألفاً، أو بالاثنين معاً. لنتذكر أولاً أن المتعرض للأذى قد يكون حبيس الأذى الذي تعرض له طوال عمره من الناحية النفسية أو السلوكية. ولربما تعرضت فتاة لأذى بالغ من أبيها فإذا هي تكره الرجال للأبد لا تريد زوجاً ولا زواجاً، ليس تعنتاً ولكن لأن عقلها الباطن يرفض الاقتران برجل، والرجال في نظرها جميعاً معتدون! وعليه كيف يستقيم حبس شهور معدودة مقابل أذى يسبب حبس عقود طويلة. وأما الغرامة المالية، فأحسب أنها لصالح الضحية؟ لكن ما الذي يضمن استعادة الجاني بيده اليسرى ما دفعته اليمنى خاصة إذا كانت الضحية قريباً للجاني كالإبن والبنت والزوجة! وغالبا ستكون العقوبة المالية هي السائدة لأنها أولاً تخفف من ازدحام السجون، وتؤدي ثانياً إلى التعجيل بإغلاق الملف بالنسبة للجهات الأمنية المسؤولة على أقل تقدير، وأحسب أن الإنجازات تُحسب لدى البعض بعدد الملفات المغلقة لا بعدد الحلول الناجحة الناجعة الدائمة. بقي أن يتكئ النظام على نص صغير يقول: (وللمحكمة المختصة إصدار عقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية)، والنص هنا يوحي بالتخفيف لا بالتشديد، أي نفي حالة السجن إلى حالة بديلة كالخدمة الاجتماعية مثلاً أو حفظ سور من كتاب الله الكريم. وعليه فالنص هنا مقيد باستبدال السجن، وهو ما يصب في خانة الجاني خاصة إذا كان له أهل وعشيرة، وأحبة وشفعاء. بعد شهرين ونصف سيبدأ العمل بهذا النظام الجديد، فهل من أمل لتدارك ما ينقصه من عقوبات وآليات تنفيذ تردع وتزجر وتمنع ؟.