وسط زحمة الأخبار السلبية والإحباطات المتراكمة من بطء أداء وزارة العدل ومنظومتها القضائية في إنجاز مشاريعها التطويرية جاءت الأخبار المفرحة بالأداء القوي والفعال لدوائر ""الحجز والتنفيذ"" أو ما يطلق عليه ""قضاء التنفيذ"" التي باشرت مهامها قبل شهرين فقط. التطبيق الميداني للنظام الجديد خلق لدي شعورا عارما بالفرح وشعرت أنا ومتابعون كثر بعودة الثقة والهيبة للأحكام القضائية التي كانت تعاني عدم التنفيذ، وإفلات المماطلين بنفوذ البعض منهم، أو بطء الأجهزة الحكومية وروتينها القاتل استطاعت وزارة العدل إغلاق ثغرة قضائية مهمة عانيناها كمجتمع، وتضرر منها أصحاب الحقوق وجلبت لنا الكثير من الصداع والشكوك الإعلامية والحملات الخارجية التي مست سمعة الدولة وهيبة السلطة القضائية بعد إنشاء دوائر قضائية في كل محكمة تحت مسمى ""دوائر الحجز والتنفيذ""، ودعمها بقضاة متخصصين لمتابعة تنفيذ الأحكام القضائية بالشراكة مع الجهات الحكومية الأخرى وفق صلاحيات عالية منها التنفيذ بالقوة الجبرية، وإيقاف الخدمات بالحاسب الآلي، وصلاحية حجز وبيع أي ممتلكات للمحكوم عليه، بما يضمن السداد جاءت الأخبار الميدانية معززة لهذا النظام القوي الذي يجسد قوة الدولة والشعور بالعدل وهيبة القضاء، وعلى سبيل المثال لم تنفع المماطلات المستمرة لرجل أعمال في مكة من إلزامه بدفع مبلغ 120 مليون ريال لشريكه بالقوة الجبرية خلال ثلاثة أسابيع من صدور الحكم، ولم يستطع مستأجر مماطل في الرياض الصمود أكثر من 17 يوما ليخرج منها بالقوة بمتابعة قاضي التنفيذ، أما الأم المطلقة المحرومة التي عانت من تعنت طليقها ورفضه دفع 1500 ريال نفقة شهرية بموجب حكم قضائي سابق فلم تصدق أن مشكلتها انتهت بعد 15 يوما فقط من تقديم مستنداتها لقاضي التنفيذ، الذي أمهل الأب ثلاثة أيام رفض التجاوب ظنا منه أن الأمور كالسابق أوقفت جميع الخدمات الحكومية في الحاسب الآلي، وخاطب قاضي التنفيذ مؤسسة النقد التي نفذت حكم القضاء باستقطاع المبالغ المتأخرة، وخلال الأسابيع الماضية قرأت الكثير من الإعلانات المنشورة من دائرة التنفيذ في الصحف تدعو مماطلين لسرعة السداد والاستجابة خلال أيام محدودة لقضاة التنفيذ وإلا سيتم الحجز على ممتلكاتهم، وقد وقفت بنفسي على مزاد في محكمة الخبر أقامته دائرة الحجز والتنفيذ على سيارة مقيم رفض سداد قيمتها لمقيم آخر . هذه نماذج مبهرة لقضايا كانت عالقة حسمتها الإدارة القضائية الناجحة وتطبيق أنظمة الدولة، ومما يزيدنا فرحا وابتهاجا تصريح وكيل وزارة العدل لشؤون التنفيذ الشيخ خالد الداود الذي أعلن أن أكثر من 297 قاضي تنفيذ في المملكة باشروا العمل كقضاة تنفيذ ونفذوا بالقوة الجبرية أحكاما حقوقية متعثرة بشأن شيكات وكمبيالات وسندات قبض وأحكاما أخرى متنوعة شملت أموالا وعقارات ثابتة ومنقولة، بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من مليارين ونصف المليار ريال، خلال الشهرين الماضيين فقط، وتم تنفيذ الأحكام المتعثرة على رجال أعمال ومصارف وشركات كبرى وبنوك، بالشراكة مع الجهات المختصة مثل مؤسسة النقد وهيئة سوق المال ووزارة التجارة والأجهزة الأمنية دون استثناء لأحد. وزادت غبطتنا بتأكيد وكيل وزارة العدل أن استعادة الحقوق المسلوبة التي صدرت بها أحكام قضائية سابقة ولم تنفذ لا تحتاج إلى مزيد من التعقيدات أو الترافع من جديد أو موافقة رئيس المحكمة، بل التوجه إلى قسم الحجز والتنفيذ مباشرة وهم سيتولون متابعة تنفيذ الحكم الصادر، مضيفا أن لدى الوزارة حاليا 15 دائرة، للتنفيذ في الرياض و14 دائرة في جدة وسبع دوائر في مكة، وسبع أخرى في المدينةالمنورة، فيما يتم العمل على إنشاء 70 دائرة تنفيذ جديدة في كل من الدمام، الخبر، ينبع، الرس، وادي الدواسر، الدوادمي، القطيف، الخرج، عنيزة، خميس مشيط، بيشة، ونجران، قضاء التنفيذ اليوم أشعل شمعة مضيئة بالأمل والعدل وهيبة الدولة وجهودهم تستحق الشكر والتقدير والمساندة الإعلامية، وعلينا بكل ما أوتينا من قوة أن نسهم في دعمه فلا قيمة للحياة بدون العدل واستعادة الحقوق.