جاء التفاعل السريع من مجلس الشورى على ال«لا» المتداولة محلياً تجاه زيادة الحد الأدنى لمعاشات التقاعد بمثابة لملمة أوراق كثيرة لو تناثرت لأصبح مجلس الشورى متهماً بأنه يتحرج عن مباشرة القضايا التي تتعلق بذوي المعاشات المتدنية والمتقاعدين والبسطاء ومن في دونهم وأنه منشغل بتوصيات أقل أهمية نيابة عن توصيات منطقية، وكنت أصر على أنه يلزم مجلس الشورى أن يقدم رؤاه حيال أي معلومة تؤخذ من لسان أحد أعضائه أو تطل من قاعته وتخرج لدائرة الرأي العام بلا حاجة إلى أي انتظار أو تفضيل للصمت. مع عبوري على تصريح المتحدث باسم مجلس الشورى أشعر بأن القادم هو المهم فتفهم التوصية «مثار الجدل المحلي» في غير سياقها يدفع إلى أن يفتش المجلس بدقة عن سبب هذا الفهم المتشابك ويعلن مسؤوليته التامة عن انحراف السياق، لأن إيصال الرسالة بدأ من داخل قاعته. التصريح «الشوروي» بمثابة التدارك الضروري في الوقت المناسب، وإذا كان قد وافق العام الماضي على التوصية التي طالبت برفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي ليصبح 4000 ريال.. فماذا عن تبعات هذه التوصية وأين ينام ناتج الموافقة حتى تاريخ هذا التدارك؟ فالمتقاعدون - على رغم الزيادة الشكلية 1000 ريال - يحتاجون إلى توصيات رفيعة المستوى وبعيدة عن الرؤية العاطفي الذي قد يذهب للتفكير فيها من لا يتماسّ مع أي توصية. التوصية التي ولدت في تصريح المتحدث بالأمس هي «النظر في تطبيق الحد الأدنى لراتب ورثة المتقاعد مهما كان عددهم بحيث لا يقل راتب الفرد عن المدفوع من الضمان الاجتماعي» ولو أن هذه التوصية خرجت بهذا الثوب لما تناول المهتمون بالشأن المحلي التوصية بثوبها المزعج السابق. قد يدخل تصريح الأمس في خانة التلافي الخاطف لحملة واضحة الأسباب على مجلس الشورى، ولكن حتى «نبصم بالعشرة» على أن محتويات الرد والنفي متقابلة مع الواقع نريد قائمة بالتوصيات التي تلقاها المجلس ب«نعم» وتلك الأخرى التي قابلها ب«لا» الحادة والجافة، سواء أكانت هذه التوصيات عاطفية أم عقلانية. ما يهم هو أن تكون ذات جدوى ملموسة ومحسوسة وتمس الطبقة الوسطى وما دونها قبل الطبقة البرجوازية، وسأظل متفائلاً في أن مجلس الشورى لا يرفض أي توصية تقدم بها أحد أعضاء المجلس، هدفها مصلحة المواطن وتحقيق مستوى معيشي أفضل له ولأسرته، وإذا كانت ثمة توصيات من هذا الوزن فنريد أن نعرفها حتى لا يُفهم التصريح أيضاً في غير سياقه، ولكي نتأكد بالفعل والكلام معاً أن هناك توصيات متنوعة ومحاولات جادة لملامسة هموم المواطن. برفقة مجلس الشورى تقف طموحات وتنحني أخرى وتولد بضعة أمنيات وتموت مثلها، ولا يغضب مجلسنا الموقر من سوء الفهم أو خروج النصوص المتداولة داخله عن السياق. هناك إيمان داخلي بأن «لا» الخارجة من «الشورى» أكثر من «نعم»، وقد يكون الخلل في إيصال «نعم» المتقاطعة مع الهموم والحاجات تسرعاً أولاً في التعامل مع ال«لا» المصححة، شكراً لمجلس الشورى أنه حضر سريعاً، لكنه حضور يضاعف من حاجتنا إلى معرفة سرعته نحو تلقي التوصيات العاطفية والعقلية لأجل مواطن يسمع أكثر من يلمس.