أخيرا ودع محامي الشيطان جاك فيرجيه (Jacques Verges) هذا العالم المليء بشياطين الإنس والجن عن عمر يناهز 88 عاما. مات الرجل في 15 أغسطس حيث مات من قبله فولتير الصاخب عام 1778م، صاحب ال 99 مؤلفا. في قصر مقابل لمتحف اللوفر حيث آوته صديقة له كما هو المعهود عن مغامراته. عاش هذا الرجل حياة صاخبة جدا. ودافع عن قضايا مشكوك في قدرة النجاح فيها فنجح مثل دفاعه عن الجزائرية (جميلة بوحيرد) ونصحه ماوتسي دونج بالزواج منها. مات محامي الشياطين كما كانوا يسمونه لأنه انتهج فلسفة خاصة في دفاعاته الشهيرة؛ فهو يقول إن كان ثمة قواعد فليس ثمة قواعد. إنني أريد أن أدخل إلى دماغ الشقي كما تسمونه؛ فأريد أن أعرف لماذا يتصرف؟ وما هي مبرراته؟. قال مرة أنا مستعد للدفاع عن هتلر وبن لادن. وفي حياته الطويلة الممتدة اختفى إحدى المرات لعدة سنوات، ولا يعرف أحد على وجه الدقة أين غاب؟ وماذا فعل؟ ولماذا ظهر من جديد؟. دافع جاك فيرجيه عن النازي باربي في فرنسا، وعن الإرهابي كارلوس، وعن مجرم الحرب سلوبودان، وفي النهاية كان يدافع عن (خيو سامفان) آخر رئيس لجمهورية الخمير الحمر في كمبوديا. في عام 2013 م تساقط من شجرة الحياة أوراق صفراء استوت مثل (روجيه جارودي) و(جمال البنا) كل منهما تجاوز التسعين، ولحق بهما هذا المحامي العجيب قريب التسعين عاما. الفرق بين موت محامي الشيطان والآخرين كبير، وكل يترك أثره بطريقته الخاصة، روجيه جارودي أثار كثيرا من القضايا خاصة في إسلامه، ثم الأساطير المؤسسة للمحرقة، والفكر المادي، ونحو رقي المرأة. إنه يمثل مدرسة كبيرة. وقع تحت يدي بحث من الكاتب المغربي (بلقزيز) عن اختلاف تيار البنا الأول عن المدرسة الإصلاحية، التي نادى بها الطهطاوي ونديم وعبد الرازق والكواكبي والأفغاني فمالت إلى المدرسة القديمة فتحنطت. وهكذا يختم كل إنسان حياته على صورة من الصور. يبقى أن نقول إن محامي الشيطان لن تأتي الشياطين فتدافع عنه بل يحق عليه ما جاء في سورة إبراهيم على لسان الشيطان ووعدتكم فأخلفتكم. ومع كل هذا فرحمة ربي أوسع كما جاء في سورة الشورى (والملائكة يستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم).