قد تقرأ هذا المقال وأنت في الوطن أو خارجه مستمتعا بإجازة نهاية أسبوع طويلة نحتفي فيها باليوم الوطني وإعلان اكتمال قيام الدولة السعودية الثالثة على يد المؤسس عبدالعزيز، ومن السهولة عرض أهم الإنجازات لعقود، أو لعام، ففي القائمة الكثير الذي يستحق التنويه. لكن دع عنك أكبر ميزانية - الماضية - في تاريخ البلاد التي بلغت 1.239 تريليون ريال، أو حتى دخول30 امرأة عضوات في مجلس الشورى لأول مرة، أو البرنامج العظيم لخادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. لكن إن كان توحيد البلاد هو العنوان الزمني المتفق عليه..فإن من المهم أيضاً النظر للأحداث والتحديات الخطرة التى واجهت استقرار الدولة وتحدت وجودها باعتبار خاص، في استمرار الكيان وتدعيمه، والحديث عن عقود مرت على التأسيس،فقد نتذكر بين المخاطر حرب اليمن وتجاذبات حادة للحركة الناصرية والقومية العربية، اليسار، والتضامن الإسلامي ونحوها إبان عصر الملك فيصل. لكن أحسب أن حرب الخليج الأولى في عهد الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز كانت التهديد الأخطرعلى كيان الدولة السعودية، والذي لايستهان بتداعياته السياسية والاقتصادية، -وبالمناسبة كان لجماعة الإخوان المسلمين موقف مشهود مع صدام وغزو الكويت، ورفض بل وتجريم أي تدخل دولي لتحرير الكويت وردع تهديد أمن الخليج، نفس التدخل الدولي الذي استجدوه مؤخراً دون مجيب! الخطر الثاني، والأشد ضراوة وعنفاً وتدميرا، حين تم قتل الأبرياء واستباحة العنف في بعض شوارع وطرق مدن المملكة وبعض منشآتها الحيوية، وهو خطر تنظيم القاعدة الإرهابي بقيادة الهالك أسامة بن لادن، وخلاياه التي ضربت في أكثر من موقع، قبل أن تدحر وتهزم أمنياً، فيما الحرب الفكرية الطويلة مستمرة مع كل من يبرر العنف والقتل أو يناصره، ويموله أو يصمت عن إنكاره، كما الأفكار المغذية لهذا الفكر الضال. القاعدة هي الخطر الثاني منذ التأسيس.. وقد تمت هزيمتها تقريباً! ثم يتجلى الخطر الثالث المعقد في الشكل والمضمون إلى وقت قريب، في تنظيم الإخوان المسلمين بعد وصولهم للسلطة فيما سمي زعما ب»الربيع العربي»، حيث تكشف سريعا خبث هذه الجماعة ومخططاتهم، ضد الأمن القومي العربي، بل وضد شعوبهم، وجاءت وقفة السعودية إلى جانب مصر العروبة، وشعبها، ضد أخونتها وتقسيمها وهو موقف تاريخي! وان كان قد ذكر أن موقف السعودية الأخير لا يوازيه عربيا إلا موقف العرب في حرب 73، إلا أننى أشير وبكل قناعة إلى أنه يوازي من حيث أهميته ما هو أكثر من ذلك بكثير. السبب أيها السادة،أن موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز الصارم، تم بهذه السرعة والتوقيت والحشد السعودي السياسي والإعلامي والاقتصادي، وبكل قوى الدفع الممكنة، ثم لو استمر «الإخوان» في الحكم لسنوات معدودة ومضوا قدماً في الأخونة وتحريك التنظيم الدولي، وخلايا الخليج الظاهرة والمستترة، لأصبحت مصر، -كما دول الإخوان -مصدر قلق وفوضى حقيقي لدول الخليج العربي دون استثناء بما فيها الحبيبة قطر! شخصياً توقعت أن بقاء الإخوان في الحكم لسنوات كان سيهدد الأمن القومي للدول العربية ودول الخليج العربي، والتي ستكون بين الكماشة الفارسية من جهة وبين الإخوان في جهة مقابلة، وبالتالي تشكيل خطر بإضعافها وبتفتيتها وتقسيمها! نعم أيها السادة إلى هذه الدرجة يمكن أن نفهم خطط الإخوان لتحقيق خلافة إسلامية على طريقتهم بنفس نظرية المرشد وتصدير الثورة، فالأوطان أقل قيمة من المرشد، والجغرافيا لااعتبار لها! الدعم السعودي لجمهورية مصر العربية - وليس لحزب قائم على التآمر والتهديد والارهاب - حمى كيان البلاد ومستقبلها. دحر القاعدة، ثم القضاء على الإخوان، صناع الارهاب، مع استمرار الحرب على هذه الصناعة ودعمها في المحيط العربي والإسلامي هو في اعتقادي أهم إنجاز سعودي خلال العقود الماضية، وقد يكون الأهم في القرن الأول للدولة السعودية الحديثة، ويسجل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز.كل يوم والوطن بخير.