في كلمة لا يمكن وصفها الا انها من كلمات التاريخ الخالدة التي سوف تسجل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي اعلن عن موقف المملكة العربية السعودية وشعبها تجاه الاشقاء في مصر بكل وضوح حيث تمر الشقيقة مصر بفترة عصيبة يستثمرها الكثير من أعداء العرب واعداء مصر للتدخل في شؤون مصر الشقيقة والتي سوف تكون بخير بمشيئة الله لان تاريخ مصر منذ عهد الفراعنة تاريخ ثابت تجتاحه الازمات ولكنه لا يلبث ان يعود سريعا الى واقعه الأصلي. الموقف السعودي ليس جديدا على العلاقات السعودية المصرية فكلا البلدين يتمتع بعلاقات تاريخية تجعل منهما كيانا مشتركا في مواجهة الازمات الطارئة ولعل التاريخ يسرد الكثير من المواقف التي أثبت فيها البلدان وقوفهما بجانب بعضهما. اليوم تمر مصر بعاصفة سياسية تحتاج من خلالها الى وقفة عربية ودولية كبرى وهذا ما فعلته المملكة العربية السعودية في وقوفها بجانب مصر وإعلان خادم الحرمين ضرورة الوقوف مع مصر في مواجهة من يريدون ان تكون مصر مسرحا للفوضى لأولئك الراغبين في بيع بضاعتهم الأيديولوجية المتطرفة مغلفة بمصطلحات سياسية مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان بينما هم ابعد ما يكونون من تلك المصطلحات. ولعل الصورة قد تغيب عن الكثيرين حول الخطر الذي تواجهه مصر والذي كان خلف الدعوة التي تبنتها المملكة العربية السعودية لدعم مصر في مواجهة التطرف والإرهاب تحت غطاء الشرعية السياسية وتحت غطاء الانتخابات وصناديق الاقتراع. عندما سقط الرئيس حسني مبارك في بداية العام 2011م اعتقد العرب ان الديمقراطية جاهزة لكي تحل في عقول الشعوب العربية بينما نسوا ان الديمقراطية شكل معقد من الوعي الاجتماعي والسياسي قد يتطلب الكثير من الوقت للوصول الى مداه وقد أدرك بعض المفكرين والكتاب هذه الحقيقة لذلك طرحت فكرة ان تعطى الديمقراطية في مصر فرصة لكي تنضج. عند اول انتخابات مصرية لجأ الاخوان الى الشارع الذي يعرفونه وهو الشارع من الطبقة الفقيرة الذي طالما حظي بمساعدة الاخوان من خلال الطعام والشراب والمسكن كما لجأت جماعة الاخوان الى قياداتهم ممن بنوا امبراطوريتهم المالية تحت غطاء اقتصادي استغل الطبقات الفقيرة في مصر وقام على جلب المعونات من الخارج بطرق مريبة. دفعت الجماعة الشارع المصري وخاصة الطبقة الفقيرة التي لجأت الى جماعة الاخوان لحل مشكلاتها الاقتصادية على اعتبار ان الجماعة فكرة عقدية تحظى بالتوفيق والسداد، ولعل السبب الرئيس دائما لتلك الاعداد من مؤيدي الجماعة يقف خلفة طبقة فقيرة ذات اعداد كبيرة وقد كان توسع الطبقة الفقيرة خطأ سياسيا دفع ثمنه النظام السابق وجاءت جماعة الاخوان لتستغل هذا الخطأ الاقتصادي وهذا ما يفسر كما اعتقد بشكل دائم ان الثورات في مصر وغيرها لم تكن بحثا عن حريات كما يروج لها بل كانت جوعا اقتصاديا تم استثماره بشكل جيد من قبل جماعة الاخوان التي دفعت الطبقات الفقيرة الى صناديق الاقتراع ظنا من تلك الطبقات ان الجماعة سوف توزع عليهم المال كما كانت تفعل عندما وزعت عليهم الموائد. فشلت الجماعة سياسيا لأنها وقعت في مطب التوازن بين العمل السياسي وبين موقفها من تلك الافواه الجائعة التي كانت تنتظر الحل الاقتصادي الذي وعدت به ولكي تتم عملية السيطرة الكاملة للإخوان على مفاصل الدولة المصرية تم انجاز الدستور في مدة وجيزة وكأنه دستور لمدرسة ابتدائية وليس لدولة عريقة مثل مصر. انتظر الشعب المصري كي يبدأ عملية الإحساس بالتغيير ولكنه لم يشعر سوى بمجموعة من رواد السلطة تحت غطاء الدين يرغبون في ممارسة الدكتاتورية ولكن هذه المرة باسم الدين وهو ما لم يستطع الشعب المصري تحمله فخرج للشارع معبرا عن رفضه لممارسات جماعة الاخوان واساليبها السياسية وهكذا فوض الشعب الجيش المصري لكي يقوم بالمهمة. خلال العام الذي حكمت فيه جماعة الاخوان مصر ادرك أعداء مصر والذين يريدون ان تكون مصر مجرد دولة يمررون من خلالها سياساتهم، ان جماعة الاخوان تعاني من ارتباك وضعف سياسي بل إن الجماعة ممثلة برئيس مصر مرسي وبعض افراد حكومته وقيادات الجماعة عرضت التنازل عن مبادئ سياسية وجغرافية واستراتيجية في سبيل دعم الجماعة فقط لتبقى في الحكم ولقد ظهر استعداد جماعة الاخوان للتضحية بمصر كلها الشعب والتاريخ والمبادئ في سبيل بقاء المرشد وجماعته على رأس السلطة. أعداء مصر نوعان بعضهم في الغرب الذي تحاول بعض دوله ان تقوم بخدمة الكيان الصهيوني حيث تقوم هذه الدول بالأخذ بالمثل الشائع (وداوها بالتي كانت هي الداء) فالإسلام السياسي عدو إسرائيل صوريا والذي وصل الى الحكم في أكبر الدول العربية يتم استثماره للتنازل عن مبادئ رفض العرب الشرفاء التنازل عنها طوال ما يقارب ثمانية عقود مضت. الذين يعتقدون ان السياسة الغربية ليست على وعي تام بموقفها من حكم جماعة الاخوان المسلمين لمصر يخطئون فالإسلام السياسي من خلال تجربة لم تدم أكثر من عام كشف للغرب ان هذا النوع من الحكم يمكن ان يضحي بكل التاريخ والثقافة في سبيل تذوقه للسلطة ولو لم يبق من مصر سوى القاهرة وبعض مدن مصر. النوع الثاني من اعداء مصر الحقيقيين هم من انصار الجماعة المنتشرين في العالم العربي والذين عملوا على دعم هذه الجماعة بالمال خلال السنوات الماضية بالإضافة الى الدعم السياسي وهؤلاء يهمهم قضيتين أولا اضعاف الجيش المصري ثم اضعاف شعب مصر العظيم بالإضافة الى رغبتهم في استمرار تجربة الاخوان حيث يطمحون في محاكاتها في بلدانهم لو قدر لهم الامر بذات الطريقة. لذلك يجب الاعتراف بحقيقة مهمة وهي ان جميع الداعمين لموقف جماعة الاخوان هم طامعون وتدغدغ عقولهم تجربة نقل الثورة الى بلدانهم على الطريقة التي عملت بها الجماعة ولكن ذلك يبدو بعيد المنال لان الكثير من البلدان من غير مصر والتي ظهر فيها تأييد كبير للجماعة لا تعاني من ذات الظروف بل إن لتلك الدول مسارا سياسيا يصعب تغييره على المستوى الشعبي وهذا ما لم يفهمه أنصار الإسلام السياسي في دول الخليج العربي وغيرها.