ربما بحسن نية قال ابن عساكر «لحوم العلماء مسمومة»، ولو عَلِم بأعداد المتزاحمين على التمسُّح بهذه المقولة في كل عصر لسكت رحمه الله، ولأراحنا من البعض؛ طبعاً هو لم يقل الدعاة أو الوعاظ، أو طلاب العلم، وبالطبع لم يقل الصحفيين والكُتَّاب، ومع ذلك رأينا التمايز الكبير في طريقة تناول لحم العريفي، وخاشقجي بعد واي فاي. بدا واضحاً جداً أن لحم الشيخ محمد العريفي، كان من النوع المسموم مع أنه واعظ وليس عالما؛ لكنها إرادة المحبين، الذين أدخلوه القائمة، ورفعوه إلى صف العلماء، الذين لا يجوز لأحد انتقادهم، وفقاً لقائمة ابن عساكر، ومن حق المريدين أن يدافعوا عن شيخهم؛ أما المسكين جمال خاشقجي، فاتضح أن لحمه شهي جداً، وربما ألذ من الهرفي، لذلك أكلوه، ويأكلونه دائماً براحة بال، وصحة وعافية!! شخصياً أرفض الإساءة الفنية أو غيرها لأي أحد مهما كان موقعه الاجتماعي، واستقبح تقليد الشخصيات المعروفة لاستدرار الضحك الأهبل؛ لكنني في نفس الوقت أطالب بالعدالة التامة في حفظ حق العريفي، وخاشقجي، بنفس المقدار من الاحترام، ودون تحيز لأي منهما، وأن يكون لهما نفس الدرجة من التقدير، وهذا ما لم يحدث بكل أسف. المشكلة أن لحم خاشقجي مباح تماما، وبإمكان كل أحد أن يقول عنه ما يشاء؛ ففي النهاية هو مجرد صحفي لم يدخل في قائمة ابن عساكر، وبالتالي فأكله يومياً بالألسنة الحادة لن يستدعي تدخل أحد، أو استغراب مسلم على ما يتعرض له مسلم آخر، وهذه جناية كبرى. الاعتراض على الإساءة يجب أن يشمل الصحفي، والواعظ، دون تفضيل طرف على آخر؛ أما قائمة ابن عساكر فهي للعلماء فقط، لكن الداخلين إليها أكثر من «الهم على القلب». أرجوكم انصفوا الجميع مهما كانت الخصومات المفتعلة والمتخيلة!!