يقول الخبر المنشور بجريدة «الشرق» تحت صورة لأطفال ومراهقين و«ذوي احتياجات خاصة» وشباب: «أقنع دعاة وشيوخ 300 شاب بتغيير ذاكرات جوالاتهم واستبدالها بأخرى تحوي مقاطع مفيدة وتطبيقات قيمة»، وكان هذا في فعاليات صيف أبها. لست أدري لماذا يحاول البعض وبحسن نية ودون قصد أن يشتغل على تدمير التنوع، أو يحاول إقناع الشباب بأن يتخلوا عن تمايزهم واختلافهم -الذي خلقوا عليه- عن الآخر في التفكير والاهتمامات والذائقة والهواية؟ فأن تغير ذاكرات الجوال ببرامج أخرى تروق لك أنت، نحن إما أمام برامج كانت سيئة وفاسدة يحتفظ فيها الشباب ولولا إقناعهم «لكانوا مستمرين في ضلالهم» وهذا ما لا أظنه، أو هي -أي البرامج- ليست سيئة بقدر ما هي متنوعة بتنوع البشر، فتم تغييرها لجعل ذائقة واهتمامات الشباب واحدة، أو فرضت ذائقة واحدة على الجميع، وهذا أمر سيئ. فأن تحصر أو توجه الشباب لأن يتماهوا مع ذائقتك وفكرك، أنت هنا ودون قصد منك أو بنوايا حسنة تحاول تدمير التنوع الذي بدونه لا يمكن لمجتمع أن يبدع ويخترع ويبتكر ويتطور، فالذهنية الواحدة تفكر بنفس الطريقة وتنظر للعالم من زاوية واحدة وليست زوايا عدة، فلا تصبح الرؤية غنية وعميقة وقادرة على الفهم أكثر. ما لا أفهمه أنه ليس لدينا أهداف أو أطماع للقفز على دول أخرى، وأن كل ما يهم الدولة «شعبا وحكومة» أن يشتغلوا على مجتمعهم ويطوروه ويشاركوا البشرية في تحسين الحياة، أو هكذا تقول جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي ضمت شبابا من كل دول العالم متنوعين ومختلفين في الرؤية ومبدعين، هدفهم اختراع ما يفيد البشرية. فما فائدة أن يشتغل الدعاة على الأطفال والمراهقين والشباب، لجعل ذائقتهم وهوايتهم واحدة، فيفكرون بنفس الطريقة ويرون العالم من النفس الزاوية، أليس هذا مضرا للتنوع والإبداع وبالتالي لتطور المجتمع، إذ إن التطور مرتبط بالتنوع؟