أناديهما بلقب منحهما إياه المجتمع، فالشيخان الغيث والعريفي أمام القاضي، الأول رجل قضاء وقانون، وتعارف الناس على تسمية القاضي ب«الشيخ»، والثاني رجل إعلام مشهور يستفتيه الناس فيعتبرونه «شيخاً»، ولأنهما أيضاً طالبا علم، أو رجلا دين، كما يسميهما الإعلام. القضية مهمة، ليس فقط لشهرة الرجلين، وهي بالمناسبة ستزيد شهرتهما، بل هي مهمة حتى لو كانت بين شخصين غير معروفين، على رغم أن احتمال مهاجمة أو لمز شخص غير مشهور بعيد، وأهميتها تنبع من ترسيخ ثقافة التقاضي أمام القانون في مجالات لم يتعود الناس اللجوء للقانون فيها، وهي ستزيد من دائرة البحث والاهتمام بإيجاد قضاة لديهم تخصصات معينة بعيدة عن المجالات المعروفة الرئيسية للتقاضي، فنحن في أشد الحاجة إلى قضاة المرور، والمعاملات المالية المعقدة، كالتأمين وخلافه، وقضاة الإعلام، وغيرهم، أياً كان موقع عملهم، لكنهم يجب أن يكونوا على دراية كاملة وتجربة ستتأتى من الممارسة الحقيقية لحق الناس في التقاضي. الأمر الآخر أننا سنرى عبر وسائل الإعلام خط سير القضية، وطرفاها أحدهما له خبرة قضائية، والآخر له خبرة اتصالية عالية، وسنعرف إلى أي مدى سيذهبان وسيلتزمان بالمبادئ التي يناديان بها، وهي كقضية ظاهرة صحية وستعكس عمقهما ومدى علمهما، فهما غير منزهين عن الخطأ أو الزلل. الطرفان مثيران للجدل، ولكل فريق مشجعون على الإنترنت والإعلام الاجتماعي، ولفتني قول أحد أنصار العريفي في تعليق منشور «ما عليك يا العريفي أنا موظف في المحكمة وأعرف النظام، ﻻ تحضر أول جلستين، وآخر جلسة احضرها واطلب تحويلها لوزارة الإعلام وبعده أرفع عليه قضية رد اعتبار وﻻ يغرك». هكذا يعلّم موظفو المحاكم الناس كيف يسوفون ويضيعون الوقت، وهكذا هي الصورة التي نسمع عنها وصورّتها الدراما والتحقيقات الصحافية مراراً. التعليق الثاني من طرف محايد فيه ملمح مهم، يقول صاحبه: «وش جايهم هالمطاوعة كل واحد يبغي يشتهر على حساب الثاني»، وهذا للمتتبع لبعض رجال الدين والفتوى صحيح، ويبدو أنه جالب للجماهيرية غير النخبوية، وجالب للمال أيضاً، والتسهيلات، حيث كلما اشتهر أستاذ أو شيخ، أعطي مساحات غياب أكثر في جهة عمله، وبعضهم نراه موظفاً في جامعة أو جهة ما، وحضوره لا يوازي حضور زملائه الذين على مرتبته وأجره نفسيهما. هذه القضية سترسخ الإعلام الاجتماعي باعتباره واقعاً يجب على الجميع التعاطي معه، وسن قانون جرائم المعلوماتية إحدى الخطوات، لكن بقية الخطوات أن الصوت المعروف صاحبه وهويته، الذي يأتي من هناك يصبح على مسؤولية صاحبه، ويحمّل الأجهزة والجهات التي يكشف تقصيرها أو مشكلاتها مسؤولية الإفصاح أو الرد.