عادت قريبتي من زيارة والدتها المسنّة في القدس، وقالت لي إنها زارت بيت لحم وبيرزيت ورأت بعض الاصدقاء والصديقات من أيام الجامعة في بيروت. قالت إن أمها لا تترك شقتها القريبة من كنيسة القيامة وجامع عمر بن الخطاب، خشية أن يحتلها مستوطنون، وأن هؤلاء يعتدون على اهالي القدس الفلسطينيين كل يوم، ويشتمون ويخربون، وأضافت أن قطر هي البلد العربي الوحيد الذي سمعت من الاهل والاصدقاء انه يساعد الفلسطينيين على مواجهة الاحتلال، في القدس وعبر المدارس والجامعات والى درجة ان وكيل البطريركية بلغها ان القطريين ساعدوا على ترميم كنيسة بيرزيت، وهم يمولون اعادة بناء مسجد ومشاريع اسلامية اخرى هناك. هذا جميل جداً ولعله الجزء من نشاط قطر الذي ينال أقل قسط من الدعاية مع انه اهم من الأخبار الأخرى من نوع سجن شاعر مغمور على قصيدة سيئة او مسيئة، او استثمار في واغادوغو. إضافة الى ما اقرأ بالعربية اقرأ الصحف الاميركية والبريطانية كل يوم، وأرشيف «الحياة» يزودني بأهم أخبار الصحف الفرنسية، واحياناً الالمانية والروسية وغيرها. وقد وجدت في السنوات الاخيرة ان القاسم المشترك بين اخبار العالم ان هناك كل يوم «خبر قطر»، او ما يشبه «طبق اليوم». بما انني اجمع قصاصات عن المواضيع المهمة، فقد عدت بعدما سمعت من قريبتي عن نشاط قطر في الاراضي الفلسطينية، الى ملف قطر في مكتبي ووجدت مادة كثيرة أتجاوز منها موقف قطر من النظام في مصر او الثورة السورية لمعرفة القارئ العربي به، وأختار الأخبار الاخرى مثل ملحق عنوانه «دولة قطر» والمانشيت فيه يقول «قطر تقلع» بمعنى ترتفع كأنها طائرة. الملحق في 12 صفحة وصادر عن «وورلد بزنس تايمز» و «الديلي تلغراف»، والمادة المنشورة ايجابية جداً الى درجة انني اعتقدت ان الملحق دعائي، الا انه لا يحمل كلمة «دعاية» التي تحرص الصحف الغربية على اضافتها اذا كانت المادة منشورة مقابل أجر. بين المواد الاخرى، غير العربية، من «خبر اليوم» القطري اختار التالي من دون ذكر المصدر المحفوظ عندي لمن يهمه الامر: - قطر تخطط لصندوق استثمار في بريطانيا بقيمة عشرة بلايين جنيه، وقد جرت مفاوضات شارك فيها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، والاستثمارات تشمل مشاريع في البنية التحتية والطاقة والنقل. - القطريون يخططون لشراء شركة متاجر ماركس اند سبنسر مقابل ثمانية بلايين جنيه. - قطر تستفيد من الايام السيئة التي يمر بها بنك باركليز. - علاقة قطر ببنك باركليز تزيد من مشاكله. - هنا وهناك وفي كل مكان... استثمارات قطر ودعمها الثورات العربية جزء من محاولة لكسب النفوذ المالي والسياسي. - نهاية الطفرة تعصر ثقة قطر (بالاستثمارات الخارجية). - تلفزيون كارانت (حيث فشل آل غور) تشتريه الجزيرة. - القطريون يؤجلون تنفيذ خطة (إعادة تعمير) ثكنات تشيلسي التي تدخل الامير تشارلز في وضعها. - أمير قطر يشتري عدداً من الجزر اليونانية (في خبر آخر انها ست جزر) بسبعة ملايين جنيه. - قطر تستولي على اوروبا (هذا من موقع ليكودي اميركي نجس). اتوقف هنا فلا يزال امامي بضعة عشر خبراً عن نشاطات قطر، وهناك مادة مساوية لما سبق عن كأس العالم في كرة القدم سنة 2022، وعن لعب ديفيد بيكام مع فريق فرنسي يملكه القطريون، وعن مباريات دولية في كرة المضرب والغولف وغيرها في قطر. بل ان الاخبار تضم تفاصيل قضية طلاق في المحاكم ومشاكل شيخ في المزادات الفنية البريطانية. اذا كان لي ان أصف السياسة القطرية بعبارة لبنانية فهي انها «كتيرة غلبة»، وأقول لأهل الحكم في قطر ان ينبسطوا بحياتهم ويكفوا عن محاولات اصلاح الأمة والعالم لأنها ولأنه لن يصطلحا. ثم ازيد ان نشاطهم الفلسطيني، مع الناس لا حماس، أفضل وأبقى من اي نشاط سياسي او اقتصادي او كروي. [email protected]