كثير من الكتاب داخل مصر وخارجها يستغربون حتى الذهول من سلوك الإخوان المسلمين حين (يجعلون أصابعهم في آذانهم) عن نقد ما يفعلون وان اخونة الدولة عندهم أزكى عند الله من سفك الدماء بدون حق. أنا شخصياً أتعجب من هذا «الاستغراب» لأن الذي يشكل الرؤية النقدية التي يتضح على ضوئها أن هذا صواب وهذا خطأ والتي تتبلور خلال مسيرة المجتمعات إلى الأنضج والأفضل هذه الرؤية لا علاقة للإخوان المسلمين بها. إن «التعريف» الذي يضع لهذا المفهوم أو ذاك الموقف ما يحدده.. هذا التعريف الذي يعرفه الآخرون المؤمنون بالسببية والتاريخية، لا يعرفه الإخوان ويكفرون به كفرهم بالشيطان.. ذلك لأن التعريف «أي تعريف» يتغير خلال نمو المعرفة عبر الأجيال.. وهم لا يعترفون بنمو المعرفة.. إنهم ينطلقون من أن المعرفة «ثابتة». هناك نظام معرفي خلف كل رؤية نقدية والنظام المعرفي هو «مجموعة من المفاهيم والمقولات وطرائق التفكير التي تمكننا من حل المشكلات أو التوصل إلى معرفة جديدة.. وعند ما يصل النظام المعرفي الذي نسلكه إلى طريق مسدود ولا يستطيع معالجة المشكلات التي نواجهها لابد لنا من تغيير الرؤية التي ننظر منها إلى الأشياء». قد يختلف بعض المفكرين في تعريف ما ولكن هذا الاختلاف نسميه «وجهة نظر» هم ليس عندهم هذا المسمى: عندهم لونان فقط.. إما أن يكون كذا أو كذا أي أنهم يؤمنون بالثالث المدفوع عند أرسطو. لنطرح هذه المفردات: العار – البطالة – الكرامة – المروءة – الحق -الخ. هل تعريف هذه المفردات في القاموس الاجتماعي العام هو تعريفه عند الإخوان المسلمين؟ كلا وكلا.. فهم لهم تعريفهم الخاص لكل مفردة من هذه المفردات. صرخ الرأي العام التونسي غضباً ونخوة ومروءة من فتوى «جهاد النكاح» أي التطوع لإشباع الحاجات الجنسية لرجال يقاتلون القوات النظامية في سوريا عن «القدس العربي 26/3/2013 على أثر انزلاق مراهقات تونسيات للذهاب إلى هذه المهمة». شخصياً لا أرى معنى لهذا الصراخ فهو مثل زواج المسيار والمسفار والحبل على الجرّار.