ليس هناك من لا يرغب في أن يكون مكتفيا بذاته سواء كان رجلا أو امرأة وهذا ينطبق على كافة شؤون الحياة اليومية ومنها "قيادة المرأة للسيارة" ليس هناك من لا يرغب في أن يكون مكتفيا بذاته سواء كان رجلا أو امرأة وهذا ينطبق على كافة شؤون الحياة اليومية ومنها "قيادة المرأة للسيارة"، القضية الأشهر على الإطلاق في مجتمعنا السعودي الوحيد حتى الآن على الكرة الأرضية الذي يرفض قيادة المرأة للسيارة لأسباب خضنا فيها كثيرا وطويلا. بالتأكيد أرغب مثل أي إنسان طبيعي على هذه الأرض أن أقود سيارتي بنفسي أن أقضي شؤوني وأمتلك زمام حياتي ووقتي ومتطلباتي، هذا حق إنساني لا ينبغي أن نميعه تحت أي ذرائع إنها "درة مكنونة" و"ملكة مخدومة".. هذه الذرائع لا تتماشى مع قدرات المرأة وإمكاناتها ومتطلباتها واحتياجاتها. الصراع الدائر الآن حول هذه القضية ما زال مستمرا وتسبب في صدامات فكرية واجتماعية بين معارض ومؤيد، حتى على مستوى المجتمع الصغير حيث لم يكن في مأمن من هذا الصراع الغريب الأطوار شكلا ومضمونا، فنجد في الأسرة من يؤيد ومن يعارض. ثمة خلافات تكبر وتدور وتتوسع تشتعل وتخبو، كل هذا لأجل "مطلب بسيط" وهو أن تقود المرأة سيارتها، أن تنتقل من المقعد الخلفي إلى المقعد الأمامي بدلا من سائقها. على الرغم من بساطة المطلب إلا أنه أصبح كبيرا ومخيفا ومحظورا بقدر ما تم ربطه بكوارث أخلاقية زادها اتساعا خيال شريحة كبيرة من المجتمع لا يستطيعون الثقة بالمرأة ككائن عاقل سوي فضلا عن الثقة بتسليمها مقود السيارة. على الرغم من استمرار جدال السيارة والمرأة والشارع المحرم إلا أنه يظل لكل امرأة في كل مكان من هذا الوطن أولويات، ففي الوقت الذي تكون فيه قيادة السيارة أولوية أولى عند نساء يمتلكن المال والقدرة على اقتناء أفضل السيارات فإنه أولوية عاشرة وربما أخيرة عند نساء ليس لديهن دخل مادي. على الرغم من أن أوراق السيارات الملونة المنتظرة تفتح وتغلق في مجلس الشورى من وقت لآخر، ويكتب عنها في الصحف بين فترة وأخرى كمن يرمي حصاة في البحر يظن أنه يوجعه أو يحركه، وعلى الرغم من كوني أكتب أيضا اليوم بينما حذرتني أمي مرارا ألا أكتب يوما عن قيادة المرأة للسيارة حتى لا تغضب جاراتها المعارضات، وعلى الرغم من أقربائي الذين حظروني تحسبا وتخوفا أن أكتب وأحرض إحداهن على قيادة السيارة أو التفكير بهذا الأمر الشنيع بالنسبة لهم، على الرغم من كل هذا اللا محتمل في قضية المرأة والسيارة والشارع المحرم، وعلى الرغم من معاناتي اليومية للحصول على "توصيلة لمشوار صغير في مدينة كبيرة"؛ إلا أن قيادة السيارة ليست ضمن أولوياتي، ربما حتى لا تغضب أمي وجاراتها وليست ضمن أجندة أحلامي، وأيضا ليست إطلاقا ضمن قائمة المحرمات لدي، لأني مع الكثرة اللواتي أولوياتهن حياة كريمة ووظيفة آمنة، أو كما قال الماغوط: سأظل مع القضايا الخاسرة حتى الموت.