هبط من الطائرة الرئاسية ثم ترجل طويلاً على البساط الأحمر على خلاف المعتاد بروتوكولياً في حال استقبال الزعماء ورؤساء الدول فقد كان مستقبلو الرئيس الأمريكي أوباما في مطار ابن غوريون في تل أبيب يتقدمهم الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقفون بعيداً عن سلم الطائرة ال " إير فورس وان " ولا أعرف إن كان ذلك تقليداً بروتوكولياً معتاداً لدى هذا الكيان الغريب أو هو استثناء مقصود من زعماء إسرائيل يضمن رسالة خاصة لرئيس الولاياتالمتحدة الذي يزور بلادهم بينما تتحدث الأنباء عن اختلاف واسع في وجهات النظر بين الإدارتين حول ظروف المنطقة ومسير عملية السلام المتعطلة وموقف إسرائيل حول أحداث الثورة السورية وقرب إنتاج القنبلة النووية الإيرانية الأولى ومناقشة وجهات الخلاف والاتفاق لهذا الحدث الكبير في المنطقة. فكانت خطوات الرئيس أوباما توحي بأن رسالة قادة إسرائيل له تقول إن" مشوارك طويل يا فخامة الرئيس أوباما " وعليك بذل المزيد من الخطى لمجرد اللقاء بنا. أيضاً يمكن استشفاف المزيد من معطيات تلك الخطى الطويلة إلى سلم الطائرة لمصافحة المستقبلين والتي تابعها المشاهدون حول العالم وشكلت نوعاً من الدهشة والاستغراب لبعضهم فيمكن أن تفهم ضمناً أن رئيس الدولة العظمى في العالم لابد أن يبذل الخطى نحو اللقاء برموز اللوبي الأكثر تأثيراً في قرارات إدارة دولته العظمى فهم من يأتي بالرئيس هناك ومن يؤثر في سلسلة قراراته جمهورياً كان أو ديمقراطياً لذلك كانت كلمة الرئيس الزائر في المطار والتي استهل بها الزيارة الأولى منذ الانتخابات الرئاسية في العام 2008م في نفس سياق العلاقة التاريخية بين البلدين فقد ذكر أن الولاياتالمتحدة هي الدولة الأولى في العالم التي اعترفت بإسرائيل منذ 65 عاماً مؤكداً على عمق العلاقة ومتانتها بين البلدين باعتبار إسرائيل راعية لمصالح الدولة العظمى في المنطقة وربما ذراعها التنفيذية للكثير من السياسات ما ظهر وما بطن. فمن أجل إسرائيل وسلامتها دولة وشعباً تجيش الجيوش وتسقط الدول وتبدل الحكومات وتصاغ الخرائط والحدود وتجدد ملامح الشرق الأوسط وتتبدل الوجوه والزعامات فيه. عموماً هي خطى مشاها الرئيس أوباما في مطار ابن غوريون ومن كتبت عليه خطى فقد مشاها لذلك نحن العرب نمشي الخطى ثم الخطى في مشوار طويل نحو السلام والاستقرار وهي بالطبع أطول من خطى السيد أوباما وغير مفروش أمامها السجاد الأحمر ولا على جانبيه ثلة الشرف وكبار المستقبلين بل طريقنا مفروش بحمرة الدماء وأشلاء الجثث والضحايا منذ عقود طويلة حتى غدت قضيتنا مجالاً للتسويف والخطب والوعود. فهذه إسرائيل ترسم مسار الخطى لكل الأطراف الأعداء والأصدقاء معاً وترسم خارطة الطريق وقوانين المسار بل وتعدل وتبدل وفق معطيات مستقبل مصالحها وأمنها فقط وعلى الجميع أن يسير ويبذل الخطى. لذلك تظل نتائج الزيارة ضمن محورية مصالح تل أبيب وما تمليه زعامتها دون أن تتحرك جهود السلام نحو الحلول الناجعة بل قد تحمل مزيداً من الضغوط على الجانب الفلسطيني خاصة والعربي عامة والمأزوم الآن بظروف ربيعه الساخن والتي أجلت النسائم إلى غير موعد مؤذنة بتلك الفوضى الموعودة منذ زمن سمراء السياسة الأمريكية السيدة كونزا التي غادرت كرسي الخارجية وظلت صناعتها تنمو في أرض زرعت بيقين السياسة الأمريكية وخططها.