معرض الكتاب هو مهرجان لعشاق القراءة والتواقين إلى المعرفة ، هؤلاء الذين لا تزال للأوراق رائحة أخاذة تعشقها أنوفهم - رغم أنف الكتب الإلكترونية - وتقلبها أصابعهم بحميمية كأنها لمسة عاشق . هو عرس للقارئ والمقروء والكاتب . أيام تتحوّل فيها المدينة من عجوز أسمنتية إلى صبيّة من شعر ونثر وفكر . تطرد المدينة ثاني أكسيد الرتابة من الجو وتستبدله بأكسجين المعرفة والفرح . مهرجان .. عرس .. فرح ... وفجأة ينقلب المشهد ! يخرج لك من بين الزحام ولد لم يتجاوز العشرين ، ويصرخ في وجهك : اتق الله ! ليه يا ابني ؟.. هل قبضت عليّ وأنا أرتكب إحدى الكبائر .. لا سمح الله ؟ على فكرة يا بني ، ولكي يطمئن قلبك : أنا من مسلمي رفحاء ولست من كفار قريش ! يا بني .. هذا الوقت الذي تقضيه بمطاردة الناس ، والتلصص عليهم وإزعاجهم ، ومحاولة عد الأخطاء والخطايا التي تحدث حولك - كما تراها - لماذا لا تستغله في تصفح عشرات الآلاف من الكتب ؟.. لا بد أنك ستجد بينها ما يروق لك . إن لم تجد .. فالخلل فيك وليس فيها ! يا بني - وخلال تصفحك للكتب - إن وجدت ما لا يروق لك فليس لك الحق أن تتحكم بذائقتي ، وتحدد لي ما يجب وما لا يجب أن أقرأه من الكتب . هل تريد أن تحميني من بعض الأفكار ؟! .. أنا لم أطلب منك حمايتي .. ولكن لنفترض أنني قبلت ، قل لي : كيف ستحميني من القنوات الفضائية والإنترنت ؟.. بنفس الطريقة ؟!.. هل ستقتحم بيتي وتحدد القنوات التي يجب أن أشاهدها وتعيد ترتيب المواقع " المفضلة " في الكمبيوتر ؟!! يا بني .. معرض الكتاب : أكسجين ، فلا تكن أنت : ثاني أكسيد الكربون . هو أسبوع .. نتنفس فيه بحريّة ، فلا تخنقنا يا رعاك الله ! يا بني .. دع عنك الريبة . كل هذه الجموع التي تراها هم مؤمنون مثلك ، وينتمون لنفس مجتمعك المحافظ .. فاطرد من رأسك بعض أفكاره السوداء ، ومن قلبك نواياه السيئة ، وتخلص من إثم ظنونك : إن بعض الظن إثم . يا بني : لا يخاصم النور إلا الظلام . ولا يحارب المعرفة إلا الجهلة . اقرأ .. اقرأ يا رعاك الله ، وافتح بعض النوافذ الصدئة في حجرات رأسك .. الذي لا يقرأ .. لا يرى الحياة بشكل جيّد .