عدم الكتابة عن الطفلة "رهام الحكمي": خيانة! الكتابة عنها: مأزق عظيم!! ليس السؤال: هل ستكتب؟.. السؤال: ماذا ستكتب، وكيف، وبأي لغة؟! من أين ستبدأ الكتابة، وإلى أين ستنتهي؟! حاول أن تتذكّر: أنت كتبت عن "رهام الحكمي" قبل أن تعرف اسمها الجميل، وقبل أن تقرأ الأخبار المروعة عنها!... متى؟! عندما كنت تهجو "الرقيب" الذي يراقب كلماتك، ليقتل أطيب بنات أفكارك: أنت كنت تدافع عن حقها بالكلام. عندما كتبت عن جدة: كنت تخاف على "رهام" من الغرق. عندما سخرت من الجان الذي تلبّس (قاضي المدينة) كنت تحلم بقانون لا يتحكم فيه شياطين الإنس والجان ليرد لها حقها. عندما كتبت عن المليارات التي تُنهب كنت تحاول الدفاع عن مستقبلها. الدماء الملوثة جرت في عروق المجتمع قبل أن تجري في عروقها.. ولا فرق بين: الايدز والفساد! أرى الأمر بهذا الشكل: ما حدث ل "رهام الحكمي": فساد. غرق جدة، وبقية المدن: فساد. البنية التحية التي تفضحها وتهدمها زخّات من المطر: فساد. الأخطاء الطبية، والتي أصبحت خبرًا يوميًا: فساد. الشهادات المزورة: فساد. "الشبوك": فساد. نهب المال العام: فساد. غياب (من أين لك هذا؟) من ثقافتنا: فساد. قاضي المدينة، وكاتب العدل الذي يوجد في حسابه مئات الملايين: فساد. سرقة البحوث، والأفكار، والكتب: فساد. تصريحات المسؤولين الباردة: فساد. إشغال الرأي العام بالقضايا التافهة، وصنع الرموز لها، ومنحهم المنابر: فساد. تختلف المانشيتات، والأحداث والقضايا، والعنوان الأكبر واحد: منظومة فاسدة لا تنتج سوى الفساد. وكل هؤلاء - لا أستثني منهم أحدًا - جميعهم شركاء بتلويث دم "رهام الحكمي" بعد أن لوثوا دم المجتمع!