في قضية الطفلة المسكينة رهام سؤال كبير، أين الطب الوقائي؟ سور الحماية المفترض وله وكالة في الوزارة، هذا أبسط تساؤل يُطرح في قضية نقل دم ملوث لطفلة بريئة، رهام ذهبت للعلاج، فكان أن نقل لها دم ملوث من متبرع مصاب بالأيدز، لم يستدعه أحد بالقوة الجبرية، لكنه وبحسب المنشور عاد وتبرع، ليختلط الملوث بالنظيف، واسأل عمن خلط، وكيف خلط، يشبه هذا الخلط خليط الطب بالإدارة والتجارة. لم تعد للجان التحقيق جدوى، أكثر اللجان تعلن لها شهادة ميلاد ثم تختفي، ولا يبلغ عن هروبها! «فص لجنة وذاب»، من حق الناس أن يقارنوا الخطأ الشنيع الذي دفعت ثمنه الطفلة وأسرتها بحادثة وفاة الطفل في مستشفى عرفان، ينتظرون إجراء حازماً. لكن في قصة رهام لا تكفي مسألة عقوبة يجب تجاوزها للعلاج والتعويض، العقوبة ستقع في الغالب على الحلقة الأضعف وظيفياً، لكن ماذا عن متانة الإجراءات؟ وأين الطب الوقائي عن إعدام الدم الملوث حال اكتشافه؟ من جانب آخر وبحسب المتداول، فإن محاولة خفض كلفة الفحوصات أدت إلى اهتراء السور، فهل كان اجتهاد «متخصص»؟ ثم أين الشبكة الآلية على مستوى البلاد التي تربط بنوك الدم؟ هناك دراسة حول مشروع لها منذ أعوام لم تر النور، على رغم الوفر المالي والوظيفي في الوزارة، مع توافر ربط إلكتروني في فحوصات الزواج! بحسب ما ذكر أحد المسؤولين. وزارة الصحة الأكثر انكشافاً عن غيرها من الوزارات، لماذا؟ لأننا نرى من تخصصه طب يتولى الإدارة. خسرنا الأطباء ولم نربح إداريين، عبارة تختصر قصة وزارة الصحة، ولو دقّقت في تخصصات كبار الموظفين فيها، ستكتشف رقماً عجيباً لعدد الأطباء العاملين الممسكين بالإدارة، حتى التخطيط يديره جراح، وإذا ذهبت إلى مديري الشؤون الصحية ونوابهم في المناطق المختلفة، ترى الصبغة نفسها «وزارتنا... حقتنا». الإمساك بالإدارة مع «التشقير» على الطب يوماً في الأسبوع أو ساعة في العيادة. يؤمن الأطباء لدينا بالتخصص حينما يكون دعاية لهم! بالطبع ليس كل الأطباء، وفي دراسة نشرتها «الحياة» قبل أشهر، 90 في المئة من مديري مستشفيات وزارة الصحة لا يحملون تأهيلاً في الإدارة الصحية. شيء من الإدارة شيء من البرستيج والسلطة وفيها منافع.