«آمنت بأنه لا إله إلا الذي خلق البطة « هذه الجملة جاءت على لسان الذبابة في ختام قصة تراجيدية سطرها من وحي قلمه الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي في مقالة رائعة من روائع مقالاته عنوانها ( كُفر الذبابة ) ، وذبابة الرافعي ذبابة حمقاء قدرت عليها الحماقة أبدية ،تظن بأنها العالم والعالم هي من كبرها وغرورها وغطرستها ،و ما كانت لتصطدم بواقع صغرها وضآلتها حتى تحيل ذلك إلى فوضى العالم وأن لا نظام فيه ،ذبابة مغرورة لا ترى سوى نفسها ولا تسمع منها غير الدندنة بكلمة ( أنا ، أنا ،أنا ، أنا ، أنا ، أنا ) ،هذه الذبابة المتكبرة لم تنفعها جميع الشواهد للإيمان والعودة إلى جادة الصواب بأنها لا تعدو أن تكون حشرة صغيرة سوى دنو بطة قد انفلقت عنها البيضة أمس ،فمدت منقارها فالتقطتها فقالت الذبابة قولتها الأخيرة : « آ منت بأنه لا إله إلا الذي خلق البطة« إن مثل ذبابة الرافعي كمثل حاكم سوريا بشار الأسد ففي تصريح أخير لإحدى القنوات الروسية قبل عدة أيام قال : « أعتقد أن مسألة بقاء الرئيس أو رحيله تعود إلى الشعب، وليست مسألة تتعلق برأي الآخرين، والطريقة الوحيدة تتم من خلال صناديق الاقتراع». من يدري فلعلنا نسمع جملة أخيرة من بشار يستلهمها من ذبابة الرافعي أو من فرعون يقر فيها بأن لكل فرد نهاية مهما تكبر وتجبر وبأنه مهما طال ليل الظلم فهناك ربٌّ سيحاسب الظالم على ظلمه. فبشار الذبابة بعد أن قُصف قصره الجمهوري واقترب الثوار من إحكام كامل السيطرة على الأراضي السورية بدأ يفهم كما فهم بالأخير زين العابدين بأن هناك شعباً له الرأي وإليه يحدد المصير في بقاء النظام أو رحيله ، وبدأ بعد أن انفلت عقد قمعه وتنفس شعبه الحرية صار يستخدم مصطلحات من قبيل الشعب والرأي وصناديق الاقتراع . مثل هؤلاء جميعاً كمثل القذافي الذي ملأ الأرض غروراً وأعمى الكبر بصره فما استطاع أن يرى شعبه فكان من أوائل جمله سؤاله المشهور : « من أنتم « حتى إذا أحاط الشعب به قال لهم ( يا أولادي .. حرام عليكم ) وهو من قبل يتنكر لهم ، ويرى كل من يخالفه كائناً مجهولاً أو أولاداً غير شرعيين لا يعترف بنسبتهم إليه ، يعمل فيهم كل الأفعال ( الحرام ) من ذبح وقتل حتى إذا تمكن الشعب منه قال لهم ( حرام عليكم ) . ذلك التصريح الأخير لبشار كان قبيل اتفاق قوى المعارضة السورية في الدوحة وقبيل تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والذي يرى فيه كثير من المراقبين بأنه سيكون المسمار الأخير في نعش بشار ونظامه ، ومن يدري فلعلنا نسمع جملة أخيرة من بشار يستلهمها من ذبابة الرافعي أو من فرعون يقر فيها بأن لكل فرد نهاية مهما تكبر وتجبر وبأنه مهما طال ليل الظلم فهناك ربٌّ سيحاسب الظالم على ظلمه.