محزن ما صدر من فتوى لأحد المشايخ يجيز فيها للمسلمين الفرح على ما أحدثه إعصار (ساندي) من أضرار ووفيات على السواحل الأمريكية .. محزن للغاية. لأن مثل هذه الفتاوى والرسائل تجوب العالم من خلال الإنترنت، وتصور ديننا على أنه دين الكره والبطش وحب القتل والدمار. إن أتباع كل الديانات السماوية مهمتهم السامية هي نشر الحب، ونبذ الكراهية حتى أن هذه الديانات تحثك على حب عدوك لأن الحب هو الجاذب الأساس لخير البشرية . وكان المسلمون (وإلى الآن) يحملون لواء التسامح والحب لأن رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رسالة هداية، ولايمكن لداعية أن يدعو بهذه الرسالة وهو كاره لمن حوله، أو من يبتعد عنه عشرات الآلاف من الأميال. ومع هذه الحقيقة الساطعة يحاول البعض تشويه ديننا، وتحميله صفات ليست فيه من خلال بث مشاعر الكره للآخرين والتمنى أن يزيلهم الله من على وجه المعمورة سحقا بعذاب واصب. وللأسف فهذه الدعوة يتلقفها الكثيرون ممن لا يعرفون دينهم حقا، وهو الدين الذي وضع جائزة ( أن يهدي الله بك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس)،فأي خير يرجوه الفرد (أو الجماعة) وهو يتحرك بعدائية مقيته، وكره أعمى ضد الآخرين ؟! وكيف لهؤلاء الباثين والباذرين للكره أن يسيروا في الأرض بحثا عن هداية العباد وهم يكرهونهم..كيف لهم ذلك؟ ومن المحزن أن بعضا من الدعاة (والذين لهم مريدون ومنفذون) يحثون مريديهم وأتباعهم على الكره لكل ماهو غير مسلم ..قد أتفق مع هذا التوجه إذ كان المنادى منتميا إلى حزب أو فئة محصورة فطبيعة التكتلات السياسية والأيدلوجيات الانغلاق على ذاتها، وعدم قبول الآخر مالم يكن مؤمنا بمبادىء تلك الأيدولوجيا. أما أن تأتي دعوة كره الآخرين من قبل دعاية (ودعاية مسلم) فهذا الذي لايقبل بتاتا،كون الإسلام جاء للبشرية جمعاء، ولم يأت حصريا مشفرا. وهذا يستوجب أن يكون المسلم حاويا ومحيطا ورؤوفا بكل العباد لعل الله يهدي به رجلا واحدلا ..واحدلا فقط فلو أن كل مسلم اهتدى به رجل واحد لتمددت الرحمة على العالم . وهل تأتي هداية البشرية بإعلان كرهنا لهم جميعا من غير استثناء، ومن غير تفصيل هذا الكره هل هو للمحارب أم للنظام ،لكن دعوة الفرح مطلقة؟ وكأن مهمتنا بذر الكره في كل زاوية في العالم !!. هناك أحاديث كثيرة يمكن قولها هنا ولكون المساحة تضيق وبي رغبة في نشر رسالة وصلتني من إحدى مبتعثاتنا بالخارج سوف أعود مرة أخرى للموضوع . تقول المبتعثة ريم الزهراني في رسالتها (بتصرف): «قبل يومين تعرضنا لإعصار ساندي، وكان ثمة متنطعون يدعون على أمريكا وكندا بالدمار متناسين (هؤلاء الدعاة) بأن عدد المسلمين هنا يتجاوز عدد سكان الخليج مجتمعين،جئنا للدراسة والبعض للعمل. ومع قوة الإعصار رحمنا الله وأنقذنا وكانت هناك بعض الخسائر التي استطاعت هذه الدولة بإدارتها العظيمة للكوارث السيطرة على خسائر الإعصار ..وقد تفاجأنا (نحن المبتعثون السعوديون) بخبر انفجار الشاحنة الذي حدث في الرياض،فإذا بمواطنين أمريكان يتعاطفون معنا ويقدمون لنا التعازي فيمن قضى نحبه، والأمنيات بالشفاء للمصابين وهم في حالة أسى وحزن،حتى إذ دخلنا إلى الفصل قابلنا مدرسنا متأثرا قائلا: لاتحضروا للدرس اليوم فأنا مراع لنفسيتكم، وأسال الله أن ينقذ بلادكم، وأن لا تكون خسائركم بشرية ! ارتبكت مشاعري كثيرا بين حالتين إحداهما باعثة للكره، والأخرى باعثة للحب».(انتهت الرسالة) وأختم قولي إن ديني الإسلام هو دين محب لكل إنسان وطير وحيوان وبيئة بما حملت. هكذا شربناه وتغلغل فينا: دين حب وليس دين كره أبدا فعذرا لمن أساه قول بعضنا.