أعلن في الكويت وصول المرأة الكويتية إلى باحة القضاء، وذلك بتعيين سبع نساء على وظيفة “وكيل نيابة" كمرحلة أولى، وإن كانت متأخرة بعض الشيء، إلا أن وصول الشيء متأخراً أفضل من عدم وصوله. إن إشكالية المرأة مع القضاء هي طويلة ومعقدة، وتأخذ جانبين، الأول: عملها في هذا المجال. والثاني: قضايا الأحوال الشخصية، بما فيها مآسي الطلاق والخُلع والحضانة. وإلى هذه اللحظة، لم يعد هناك أي دولة عربية أو إسلامية لا توجد فيها نساء عاملات في هذا القطاع الذي يُعتبر من أهم الضروريات التي تُحتم وجود المرأة، لأن أغلب القضايا هي شريك فيها. ففي اليمن الشقيق مثلا، وصلت المرأة إلى منصب “قاضي" قبل أكثر من خمس وأربعين عاماً، والمحزن أننا في السعودية فتحنا كليات الحقوق وأقسام القانون، لنُخرج جيلا من البنات مُشبعا بإحباط البطالة، فحتى وظيفة “محامية" لا زالت رهن المشاورة، مع أنه من المفترض أن آلية العمل والتوظيف بدأت مع خروج قرار فتح هذه الأقسام للبنات، إلا أن التأخر والبيروقراطية الحاصلة في هذا المجال، لن ينتج عنها إلا مزيداً من الإحباط الذي يتولد عنه شعورا بالنقمة من كل شيء، وهذا ليس في صالحنا أبداً، ولا في صالح الأجيال المقبلة على الحياة والتي من حقها الطبيعي أن تجد وظيفة تتناسب مع المؤهل والتخصص، إذ إن الأجيال اللاحقة اعتادت على العمل في مجال يختلف عن التخصص، أما هذه الأجيال فلن تقبل، لذا فإن التخصصات المطروحة تحتاج لعمل جماعي من كافة المؤسسات بشكل عام، للتوظيف كُل حسب مؤهله. أما خريجات الحقوق تحديداً، فإنهن مختلفات عن الجميع، فقد درسن وتخصصن في هذا المجال الذي غيّر لديهن الكثير من المفاهيم والرؤى، والنظر إلى العمل الحقوقي في سياقه المنظم الذي يختلف عن العشوائي الذي نراه من -بعض- من يُسمين أنفسهن بالحقوقيات، لذا فإن عدم حسم عمل هؤلاء الحقوقيات المتخصصات في مجال المحاماة إلى اليوم، هو شرارة لموقف قد يكون “خطير"، خصوصا مع تزايد عدد الخريجات كل عام! إن إقرار عمل المرأة في سلك المحاماة، لا بد أن يتحول من الكلام الإنشائي إلى واقع ملموس، وهو ليس عملا مكملا أو شكليا، بل هو حاجة ملحة في مجتمع نسبة النساء فيه تزيد عن 50% من مجموع السكان، وقضايا نسائية تحتاج إلى امرأة تفهم المرأة التي أمامها، وتفهم احتياجاتها، وتشعر بها، فمن العيب أن تُهان المرأة داخل مجتمعات إسلامية، والإسلام منحها حقوقها منذ أربعة عشر قرنا، وهذه الإهانة للأسف لا تحدث إلا مِن قِبل من يحاول تشويه صورة الإسلام بأنه يُقلل من المرأة ويبخس حقها، وهذا في مجمله غير صحيح. إننا في الوقت الحالي، نحتاج إلى تواجد المرأة كمحامية، وأيضا نحتاجها في مكاتب استشارية داخل المحاكم، هذا من شأنه أن يخفف من حِدة القضايا التي تتطلب وجود ولي أمر للمرأة، والتي ليس لها ولي أو أن وليها هو خصمها. كثيرة هي الآليات التي قد نتبعها ونوجد من خلالها حلولا لمعضلات بدأت تتفاقم وتتوسع أكثر، ونردم هوة لأجل إنصاف المرأة، والمجتمع.