الأرقام تؤكد أن الأخطاء الطبية في تصاعد كل عام، وأن مستشفياتنا (الحكومية والأهلية) وصلت للرقم 4335 خطأ سنويا، أي 11.9 حالة يوميا. تؤكد أيضا أي الأرقام أن الأكثر تضررا من الأخطاء الطبية المدن الكبيرة (جدة 287 حالة، والرياض 280 حالة)، وأن القضايا المعروضة على الهيئات الطبية بالمملكة التي لم تبت فيها إلى الآن 1758 خطأ طبيا. إن تمعنت بعض الأخطاء ستشك بمصدر التقرير، وأنه صادر من «مسلخ»: «فصل رأس مولودة أثناء ولادتها بمستشفى». أما إن قرأت قصة امرأتين قتلتا في المستشفى بسبب إهمال في إعطاء الدواء، وثلاث وفيات في مستشفى آخر، ووفاة معلمة وجنينها بسبب تخبط في خطة العلاج، ومعلمة أخرى إثر نقل دم ملوث، ووفاة شاب في العقد الثالث بسبب ألم في ضرسه خرج منه بغيبوبة تامة بسبب خطأ طبي، وحكاية «سلافة» التي دخلت مستشفى خاصا بجدة بنزلة معوية فخرجت قتيلة خطأ طبي، ستظن أن هذا التقرير صادر من وزارة الداخلية، وتحديدا من القسم الجنائي، وليس من مستشفيات من المفترض أن تعالج المرضى لا أن تقتلهم. أما إن دققت في الأحكام الصادرة من الهيئات الطبية التابعة للوزارة، والتي هي عقوبات لا تتعدى غرامات نادرا ما تصل لعشرات الآلاف، وكثيرا ما تكون عبارة عن خصم يوم أو 3 أيام دون أن تسحب رخصة الجزار أعني الطبيب، فيستمر بارتكاب الأخطاء . قلت: إن دققت بالأحكام ستصل لفكرة مفادها أنه آن الأوان أن نستحضر الأنظمة واللوائح والقوانين الطبية القابعة في ردهات محاكم الدول الأوروبية، وأن ما نحتاجه قوانين عادلة وحازمة ليس لإيقاف الأخطاء الطبية «فهذا أمر مستحيل، فطالما هناك إنسان هناك احتمالية خطأ»، ولكن لتقليل هذا الرقم المرعب «4335 خطأ طبيا سنويا»، فأنا على يقين أننا لو جمعنا كل الأخطاء الطبية بكل دول أوروبا لعام واحد، لن تقترب من هذا الرقم المخيف والمرعب، الذي وبسبب ضعف أحكام الهيئات الطبية ما زال يتصاعد كل عام.