لم يكد يمر يومان على نشر مقالي بعنوان «إرهاب المواطنين على الإنترنت» حتى فوجئنا بواقعتين تؤكدان صحة ما تحدثت عنه في ذلك المقال حول خطورة استفحال جرائم المعلوماتية على أمن الوطن والمواطن. الواقعة الأولى تمثلت في التحريض الصريح على تويتر للاعتداء على الكاتب محمد آل الشيخ التي قام بها أحد المغردين ثم تبعه آخرون برصد جوائز مالية كبيرة للنيل منه. الواقعة الثانية هي تعرض شركة أرامكو لهجوم إلكتروني استهدف شبكتها الداخلية وقواعد معلوماتها عبر فيروس تم تصميمه خصيصا كسلاح إلكتروني مدمر قادر على شل الأنظمة وجعل بياناتها عرضة للإتلاف أو التجسس. بالنسبة للواقعة الأولى فإن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية يعلمون جيدا أنها لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها أحدهم للتهديد والتحريض بشكل علني، ناهيك عن علمهم بحقيقة تحول تلك الشبكات لأرض خصبة لجميع أشكال جرائم المعلوماتية الأخرى مثل الاختراق وانتحال الشخصيات والعنصرية والطائفية والتي ذكرت في مقالي السابق أنها تضاعفت في السنوات الأخيرة وأصبح ممارسوها يقومون بها دون خوف أو حياء في ظل الغياب الكامل للملاحقة القانونية لهم واطمئنانهم بأن نظام جرائم المعلوماتية الذي صدر قبل أربع سنوات مازال حبراً على ورق ولا توجد آليات فاعلة وجدية لتنفيذه عمليا. هاتان الواقعتان تؤكدان أن الأوان قد آن لأخذ موضوع جرائم المعلوماتية بجدية أكبر، حيث إنه لم يعد هناك مجال للشك بأن انتشارها قادر على إلحاق الضرر بنا أكثر من أي شيء آخر. وحتى يتحقق ذلك فإننا سنكون بحاجة ماسة وسريعة لتعزيز منظومة دفاعاتنا المعلوماتية التي تتطلب استثمارا جديا ليس فقط في توفير أنظمة الحماية من أجهزة وبرامج، بل وبدرجة أهم توفير الأنظمة والقوانين الفاعلة والرادعة القادرة على تعزيز ثقة المواطن باستتباب الأمن في المجتمعات الافتراضية تماما كما هو مستتب ولله الحمد في مجتمعاتنا على أرض الواقع.