هناك في العالم العربي اتحادات صحافية وإعلامية تشترك فيها كل الدول العربية تقريبا، وأهم بند في مواثيقها «شيلني وأشيلك واسترني ربنا يسترك»، أي لا تذكر مؤسسة إعلامية عربية ما بلدا عربيا ما بسوء.. وعلى المكشوف فإن هذا يعني إغفال وإهمال أي خبر مهما كان صحيحا إذا كانت حكومة ما لا تريد له ان ينتشر.. ويسمون ذلك بكل وقاحة وقلة حياء «ميثاق شرف»،.. وعندي اقتراح أود لو تتبناه تلك الاتحادات رأفة بالجمهور الذي يتابع وسائل الإعلام بكافة صنوفها.. الاقتراح هو تخصيص يوم من كل أسبوع ل»تجاهل»، نعم تجاهل قضية ما.. مثلا تلتزم الصحف والتلفزيونات والإذاعات بعدم ذكر سيرة دارفور أيام السبت، مهما قد يحصل هناك، ولن يخسر القارئ والمشاهد والمستمع شيئا بعدم الاطلاع على ما يحدث في دارفور ليوم واحد في الأسبوع بل سيربح راحة أعصابه وباله.. الاقتراح هو تخصيص يوم من كل أسبوع ل»تجاهل»، نعم تجاهل قضية ما.. مثلا تلتزم الصحف والتلفزيونات والإذاعات بعدم ذكر سيرة دارفور أيام السبت، مهما قد يحصل هناك، ولن يخسر القارئ والمشاهد والمستمع شيئا بعدم الاطلاع على ما يحدث في دارفور ليوم واحد في الأسبوع بل سيربح راحة أعصابه وباله.. هناك مقولة معروفة في الصحافة، وهي أنه ما من خبر يشد اهتمام القراء لأكثر من أسبوعين.. يعني بالمقاييس المتعارف عليها فإن مشاكل دارفور صارت مثل انفلونزا الطيور لا تثير الاهتمام او حب الاستطلاع.. وقياسا على هذا فإن عدم ذكر غزة وفتح وحماس واولمرت طوال أسبوعين من كل شهر لن «يفرِِق» مع القارئ: جماعة مسلحة تتبع لفتح تفتح النار على منزل وزير من حركة حماس.. وحركة حماس تخطف ثلاثة من نشطاء فتح (نشطاء إزاي؟ وفي ماذا ما تسألنيش!).. هذه أشياء عادية وروتينية ومن متطلبات تحرير فلسطين، كما يقال لنا، وربنا يسهل عليهم، بس ترحمنا الصحف من كل هذا الكلام المعاد المكرور المشبع بالميكروب.. المشكلة ليس فقط في أن كل الأخبار من غزة والضفة الغربية بلاي باك (إعادة) لشريط شاهدناه آلاف المرات، بل في أننا لم نعد نفهم ماذا تريد كافة الأطراف الفلسطينية المتناحرة: إلام الخِلف بينكمو إلاما/ وهذي الضجة الكبرى علاما؟ هل تعتقد فتح ان حل القضية الفلسطينية العادل لا يتم إلا بتصفية أنصار حماس تماما؟ وما الفرق بين «الهدنة الطويلة» التي تروج لها حماس وبين «السلام»؟ بالنسبة للعراق اقترح قصر أخباره على ستة أشهر في السنة فقط.. يعني في يناير خذ راحتك واكتب عن الكذا ألف قتيل الذين يسقطون من كل جانب وفي فبراير «اعمل حالك عبيط» وطنش أخبار العراق تماما، لأنك ستطالع جدول اللوغريثمات في مارس وتجد فيه أن فبراير كان سيم سيم مثل ديسمبر.. ولكي يتأكد لك ان اقتراحي هذا وجيه تذكر ما قرأته في الصحف منذ الثالث من يونيو الجاري عن هزيمة يونيو 1976.. نفس المواويل والعويل والمناحات: حرب حزيران انتهت/ فكل حرب بعدها ونحن طيبون/ أخبارنا جيدة/وحالنا والحمد لله أحسن ما يكون/ وطاولات الزهر على أحسن ما يكون/ وإنا لله وإنا اليه راجعون.