على الرغم من أن الإعفاءات الملكية لثلاثة من كبار مسؤولي الدولة، التي أعلنت الأحد الماضي لم تتضمن أسباب الإعفاء، وهو ما عرف عن مثل هذه الأوامر الملكية، إلا أن المواطن السعودي يستطيع وبكل سهولة قراءة ما بين السطور، فلم يعد خافياً المبررات البديهية لإقالة أو إعفاء هذا المسؤول أو ذاك. ربما ليس مهما، وقد أُعفي مَن أُعفي، الدخول في تراكمات الأخطاء التي هيمنت على هذه المؤسسات والمسؤولين عليها، المهم، في هذه المرحلة تحديداً، أن تصل الرسالة جيداً لكل مسؤول حكومي كبر أو صغر، بأن وظيفته ليست حكرا عليه يعيث بها كما شاء، ويرتكب من الأخطاء ما ليس له عد، ثم يحاول ""التزييف"" على مسؤوليه وعلى المجتمع بكامله! حتى أولئك المسؤولين الذين يظنون أنهم ""يمنون"" على الوطن بعملهم، يتناسون أن الوطن هو الذي يمن عليهم بأن منحهم شرف العمل لخدمته وخدمة المواطنين. نكررها مجدداً، ولن نمل منها، يخرج خادم الحرمين الشريفين مرة بعد مرة، مشدداً على أنه خادم لوطنه وشعبه. لا يتوقف عن إيصال الرسائل الواضحة والصريحة للمسؤولين: أنتم خدام لهذا الشعب، غير أن حس المسؤولية لا يزال في أدنى مستوياته لدى ""بعض"" المسؤولين، يرتكب من الأخطاء أعظمها، مستهيناً بأرواح وأموال المواطنين أيما استهانة، ومع هذا، لا يخشى عواقب الأمور، فلديه ""ماكينة"" تسانده وتدعمه في خططه وتكتيكاته. لكل هؤلاء نقول: انتهى الدرس.. فأنتم في مرحلة عبد الله بن عبد العزيز. ليس من المبالغة القول إن أياً من المسؤولين والوزراء لم يجبره أحد على قبول وظيفته، وعليه لا يصح أن يستغرب المسؤول عندما تكون الآمال معلقة عليه بأن يقدم أفضل ما عنده، كما أن مغادرته من الباب الكبير هي الحل الأمثل، طالما لم يستطع إصلاح المؤسسة التي يشرف عليها والقيام بالحد الأدنى المطلوب منه. على كل مسؤول ووزير ألا يتوقع أنه سيبقى في منصبه إلى ما شاء الله، وأن الإقالة هي مصيره طالما لم يتمكن من إقناع مواطنيه ومسؤوليه، وفي المقابل فإن لدينا من المسؤولين والوزراء مَن يقدم عصارة جهده وخبرته وحُسن أدائه طوال فترة عمله الحكومي، والمواطنون جميعاً يعرفونهم ويذكرونهم بالخير فرداً فرداً. للإنصاف والموضوعية، فإن الحكومة تحملت طويلاً أخطاء المسؤولين حتى وهي تقدم لهم أنواع الدعم والمساندة كافة، ومثل هذا التعاطي لم يعد مجدياً مع متطلبات المرحلة الراهنة، والوصول لإقالة المسؤولين الذين لا يُقنعون الشارع السعودي، هي خطوة لم نصل لها إلا بعد أن طفح الكيل من الأداء الباهت، والاستهتار المستفز، وحتى هذه الخطوة لا بد أن تقترن معها خطوة أخرى، لا تقل أهمية، وهي محاسبة المسؤول عمّا اقترفته يداه طوال فترة إدارته، فإن أحسن فمن حقه على الدولة أن تكرمه، وإن أساء فلا أقل من محاسبته وعدم إغفال كل أنواع الكوارث التي حدثت بفضل سوء إدارته، والأمثلة لدينا كثيرة وماثلة للعيان!