منذ مدة طويلة ونفسي تراودني للكتابة عن الخلع، وخصوصا عندما كانت الصحف تنشر أخبارا عن قضايا الخلع وتعسف الأزواج في طلب العوض، لقد كنت أرجو لو أن لجنة حقوق الإنسان تعرضت لبحث الموضوع عند عرض قضايا التعسف عليها، وطلب الزوجات منها التدخل، ولكن اللجنة لم تضع موضوع «الخلع» في قائمة موضوعات البحث إما لأنها لا تراها ظاهرة تستوجب البحث على ما فيها من ظلم، أو لأن بحثها قد يورطها في قضية شائكة مع القضاء، قبل أيام تعرض الأستاذ د/ سالم سحاب بمقالة في جريدة المدينة (9/6/2012) بعنوان: «الدية والنفقة والخلع».. واعتبرها من القضايا القديمة المتجددة باستمرار، وعن مدى ملاءمتها لواقع الحال، وهو يعتبر هذه القضايا من «المستجدات التي تتطلب تحديثا مستمراً بما يعني تحديث الأحكام وتفسيرها وفق مقتضيات العصر، وخصوصا في الناحية المالية، وقد أجاد د/ سحاب في عرضه الموجز ومطلب التحديث بما يستوجب من جميع جهات الاختصاص دراسة الموضوع بمنهج عصري وفق مقتضيات العصر. آراء الفقهاء والمعاصرين تعيد دراسة كثير من الأحكام لمعرفة مقاصدها وأسبابها وعدم إغفال ظروف العصر في التطبيق، والذي يقرأ عن الخلع يجد أن الفقهاء من القديم اختلفوا في فهمه، فمنهم من اعتبره منسوخا، ومنهم من اعتبره خاصا بمثل حالة امرأة ثابت بن قيس، وسبب الخلاف عند ابن رشد.. حمل اللفظ على عمومه أو على خصوصه. وفي رأيي أنه من العدل ومن حقوق الإنسان أن يختار الإنسان حياته، ولذلك فمن حق المرأة طلب الخلع من زوجها دون أن تكلف بدفع أي غرامة، ويكفي الزوج ما تمتع به منها طيلة سنوات ومن خدمتها له، فكيف يجوز أرغامها بدفع غرامة، أين سنوات التمتع؟ هذا تعسف في تطبيق الحكم، لقد طالبنا ووعدنا بإنشاء محاكم للأحوال الشخصية، قضاتها متخصصون في الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وإرث وعندهم الوقت الكافي لدراسة هذه الأحوال، نعم في هذا العصر لا مكان للخلع، ولكن بدله التفريق الإلزامي.