كل يوم يفاجئنا موقع التواصل الاجتماعي بحفلةٍ من حفلات الرأي العام، القليل من التركيز خارج الدائرة الصغيرة للأصدقاء التابعين والمتبوعين سيضع أمامك خيارات متعدّدة من الحفلات. من حفلة البهو إلى حفلة الزار إلى حفلات مستمرة ودائمة يكرّرها شخص واحد مثل حفلة المسبح ومنها إلى حفلة الصلح مع القاعدة؛ لأنهم مؤمنون.. إلى حفلة المناكير ويستمر الدفّ. آخرها حفلة التبرع لكتائب المجاهدين في سوريا، وهذه بالذات امتداد لحفلات بدأت منذ العام 1980م ولم تتوقف... انتقال هذه الحفلات من العالم الافتراضي إلى الصحف الرسمية اليوميّة أصبح أمرًا شائعًا بصفتها موضوعات ساخنة ومحرّكة وهذا الأمر تحوّل إلى نمط في الكتابات اليومية والأسبوعية الصحفيّة، الأمر الأكثر تعقيدًا هو تعزيز حالة الاحتقان بين التيارات المحلية وتوثيق النزاع والخلاف وليس الاختلاف، وهذه العتبات التي نصعّدها برعونة لها تاريخها ولها مستقبلها أيضًا. حالة تجييش كاملة أصبح ارتكابها يحدث من الطرفين بعد أن كان طرف يُحمّل الطرف الآخر تبعات انتكاسة أكثر من عِقدين في قضايا مختلف عليها وكان يمكن أن نستثمرهما في التغيير لصالح المستقبل. ومن هذا الصراع الذي تولّده شرارة الاختلافات حين يتم تحويلها إلى خلافات ومنطق سلطة وليّ ذراع وكسب مناطق في صناعة القرار والتأثير عليه بتحويل هذه الحالات الفردية إلى ظواهر يتم الإجهاز على قضايا وطنية في غاية الأهمية، وكلنا نتذكّر وسننسى حتمًا قضايا الحوار الوطني ومبادرات حوار الاديان والدعوة إلى نبذ الخلافات والتقريب بين وجهات النظر المختلفة بين الطوائف والدعوة الدائمة إلى أن يكون لنا وطن نشعل في قضاياه الأمل بمستقبل مستقر، وكل النذر في العالم العربي والعالم أجمع تشير إلى اضطرابات مخيفة ودموية. هذه التغذية السميّة اليوميّة لحالات فردية هناك من يتحمّلها تاريخيًا وثقافيًا، اعتقد من وجهة نظر شخصية باعتبار أن الخلاف بين التيارات موجود وظاهر ويتنامى، أن الأذكى عليه أن يتعامل بذكائه مع قضايا من هذا النوع. الحسّ الجماهيري واستغلال الشارع الافتراضي لكسب المعركة يمكن أن يكون له عشرات البدائل وعشرات الخيارات، الرهان على تغيير الوضع القائم بشكله الحالي لا يمكن أن يكون باتباع نفس أدوات اللعبة، وكلنا يعرف من خلال التجربة أننا نُكسِب الأجيال القادمة نفس الادوات ونفس الأمراض. حالة تجييش كاملة أصبح ارتكابها يحدث من الطرفين بعد أن كان طرف يُحمّل الطرف الآخر تبعات انتكاسة أكثر من عِقدين في قضايا مختلف عليها وكان يمكن أن نستثمرهما في التغيير لصالح المستقبل، وأعني هنا معًا، ومعًا تعني كمواطنين. أعتقد أننا نستسهل أو لم ننتبه ولن ننتبه لما يحدث بهذا الشعور الوحشي والغريزي الفردي في الصراع سيتفجّر في قضية أو قضايا قادمة لن نستطيع معها أن نتوقف عند الحياة.