في القرن التاسع عشر كان من التشخصيات الطبية الرسمية في الغرب ما سمي ب «هيستريا الإناث Female hysteria» وأعراض هذا المرض هو أن النساء اللاتي هن تحت الكبت والاضطهاد يتصرفن بشكل انفعالي متوتر، لكن وبدل أن يتوصلوا للوم الظروف الاجتماعية وانتهاك حقوق المرأة تم لوم الطبيعة الأنثوية واعتبار أنها هستيرية ولهذا فإن المرأة لا يتم إنصافها بالمحاكم لإصلاح حالها إنما يتم إرسالها لمستشفيات الأمراض العقلية حتى يتم إيقافها عن الانفعال بالمظالم التي تتعرض إليها.. وبالطبع هذا بات الآن موضع تندر وتنديد في الغرب، ولم أكن أتصور أنه لازال موجودا لدينا، فقد صرحت الناشطة الحقوقية سمر بدوي الحاصلة على جائزة إحدى أشجع عشر نساء عالميا بأنه من الإجراءات المعتادة في دار الحماية التي كانت فيها عندما تطالب الواحدة بحقوقها مثل تخليص قضيتها وتحسين معاملتها وظروف المعيشة السيئة في دار الحماية تقوم إدارة دار الحماية بتحويلها قسرا لمستشفى الصحة النفسية حيث تحقن بجرعات عالية من العقاقير المهدئة والمخدرة تجعلها في حالة ذهانية دائمة وفاقدة للوعي بنفسها وواقعها وفاقدة للذاكرة وفي حالة تخشبية، وخوفا من التعرض للحقن بتلك العقاقير تمتنع النساء المعنفات في دار الحماية عن المطالبة بحقوقهن. وقرأنا عدة حالات في الصحف لنساء لجئن للشرطة لتعرضهن لعنف مفرط لكن المسؤول عن تعنيفها للتهرب من المسؤولية زعم أنها مريضة نفسيا رغم نفي بقية أفراد الأسرة لذلك، وتم تحويلها لمستشفى الأمراض العقلية وبقيت فيها لأشهر وسنوات، وتم ردها إلى وليها المعنف لها. وعندما نقرأ حالات انتحار النساء دائما نقرأ أنها كانت تعاني من مشكلات نفسية .. وهكذا يبقى الكل سعيدا ولا يشعر أحد بأي مسؤولية عن قتلها ويتم لوم «هيستريا الحريم».