الاستراتيجية السعودية في مكافحة الإرهاب، صارت أنموذجا عالميا باعتراف الدول والوكالات المتخصصة، بما في ذلك ما وصلنا إليه من خلال جهود متواصلة أدت إلى نضوب مصادر تمويل الجماعات الإرهابية، مع ذلك فإن هناك عناصر للأسف تنتمي إلى السعودية ما زالت تحاول استدرار عاطفة الناس عند أي حدث لاستنزاف جيوبهم لتذهب هذه الأموال إلى جهات مشبوهة! وبما أننا هذه الأيام نتجرّع جراح ما يحدث لإخوتنا في سوريا من مجازر وجرائم قتل يسجلها التاريخ للمرة الأولى، فإنه لا يُمكن لأي إنسان مهما كان دينه أو عرقه أن يُطلب منه التبرع لأهلنا في سوريا ويرفض، فكيف بنا في السعودية، ونحن نشأنا على أعمال الخير المشهود لنا بها مع كل حدث، وهذه العاطفة الزائدة لدينا حينما غاب الرقيب في سنوات سابقة أيام حروب البوسنة والهرسك وأفغانستان والعراق وغيرهم، كنا نفتح جيوبنا لكل من نعرف ومن لا نعرف طالما تم تناقل الحديث حوله بأنه يجمع التبرعات لإيصالها لمن يستحق، أما إن كانت هذه التبرعات سيستلمها رجال من المشايخ -أيا كانوا- فإن هذا يمنحنا الشعور بالأمان والثقة، وبعد ذلك التاريخ الطويل من التبرعات، اتضح للأسف أن -منهم- من استغل هيبته الدينية، وسمعته المعروفة، فلم يكن أمينًا في نقل أموال هؤلاء الناس المعطاءة، فذهبت إلى من يقتلهم ويُفسد أرضهم، وما الأحداث الإرهابية التي طالت بلادنا ونتجرّع مرارتها لغاية اليوم ببعيدة، وما زالت نيران آلامها ملتهبة في صدورنا لم تبرد بعد! اليوم يعيد التاريخ نفسه، فنجد من يبرز مناديا بالتبرعات إلى سوريا المكلومة، واليوم الانتشار صار أكبر والكلمة تصل أسرع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وحضور شخصيات مؤثرة في موقع “تويتر” لها ملايين المتابعين، والجماهير -المُغيبة- ومع ذلك فإن هذه الشخصيات تتحدى الدولة، بل ترى نفسها أكثر رحمة وعطفا من الدولة، وأنها من ذوي المبادرة فتنادي تلك الشخصيات بفتح أبواب التبرعات إلى سوريا المكلومة -والله أعلم إلى أين ستذهب؟- مع ذلك، وبتحدي سافر للأنظمة، ودون خجل ولا وجل، مع أنها قوانين دولية في كل العالم وليست محلية فقط، فإن هذه الشخصيات تقوم بالتحريض ضد هذه الأنظمة، متناسين أن التبرعات والإعانات الخارجية لا يمكن أن تتم بعشوائية، وأن استغلال عاطفة الناس التي عبأت جيوب الجماعات الإرهابية في السابق، لم تعد اليوم كما كانت لأن الناس الآن أكثر وعيا، ولأنهم أدركوا تبعات ما حصل في السابق أيام البوسنة والهرسك، وأفغانستان، والعراق! في رأيي الشخصي، أن هذه الأحداث تمنحنا رؤية صافية لمن يعمل بالخفاء ثم بالعلن حسب ارتفاع أو انخفاض حِدة الأحداث من حولنا، وأننا في هذا الوقت ملتزمين جميعا بالتبليغ عن كل من يقوم باستغلال الناس وتعاطفهم مع ما يحدث، فما يقوم به هؤلاء وكأنهم لا يعيشون في دولة لها قوانين وأنظمة هو أمر خطير، والرقابة ليست عليهم فقط، بل أطالب كافة القطاعات بالتبليغ عمن يتجاوز النظام ويستغل الجيوب، وخصوصا وزارة التربية والتعليم -تعليم البنات- إذ إن استغلال المرأة كحاصدة للتبرعات، ينشط باستغلال عواطف النساء. كلنا مسؤولون، أما الخطاب القديم القائم على -الصراخ- أو بالعامية “الهواش” فهو خطاب بال، ممل ومقزز، ووزارة الشؤون الإسلامية مسؤولة عنه بشكل مباشر، لأن الفكر المجتمعي الذي ترتفع درجة رُقيه بات أكبر من ذلك الخطاب!