اليوم وقد وافقت وزارة الثقافة والاعلام على تأسيس جمعية لكتاب الرأي في صحفنا المحلية، فأول ما نلفت إليه النظر ألا تستنسخ خطوات إنشاء جمعية الصحفيين، والتي منذ أنشئت لم تقدم أي خدمة مقبولة للمنتمين إليها، حتى أن من يتعرضون من أعضائها لإيقاف عن العمل أو الكتابة، أو يتعرضون لمحاسبة لا يحسون بوجودها أثناء محنهم، وطبعًا ليس هذا وحده ما يجب أن تقوم به أي جمعية لأهل حرفة أيًا كانت، بل أن تسعى إلى ضمهم تحت جناحها، وتجد من الفرص تلاقيهم وتحاورهم ما كان بانيًا للتواصل والثقة بينهم، وأن تكون لها القدرة على مد يد العون لهم حينما يحتاج أحدهم إلى ذلك العون، وتدافع عنهم ما داموا على حق، ولم يجنوا جناية يعاقبون عليها، وحبذا لو كانت جمعية لسائر الكتاب والمؤلفين لا لفريق منهم فقط، فالذين يحترفون الثقافة بكل ألوانها هم من يوجهون أبناء الوطن ويصوغون توجهاتهم، لو كانوا جادين، ويعلمون يقينًا واجباتهم الوطنية، وحمايتهم من كل ما يمكن أن يضرهم أو يسيء إليهم واجبة، وفي تجارب الأمم من حولنا ما يشير الى أهمية هذه الفئة من الخلق، ممن توسعت مداركهم، وحصلوا قدراً كبيرًا من المعارف، وأهلهم كل ذلك ليكونوا قادة للرأي في مجتمعاتهم، حيث أنشئت نقابات لهم أو اتحادات على أسس نظامية (قانونية) ليعرف المنتسب إليها، مركزه النظامي فيها ومن خلاله يصوغ علاقته بمن ينتمون إليه من إخوانه وعلاقته بالسلطة التنفيذية، على اعتبار ان هذا هو أحد مناشط المجتمع المدني، التي وجودها ذو فائدة كبرى في صوغ علاقات بهذه السلطة يوفر لها من الجهد الكثير الذي تبذله من أجل متابعة مناشط المنتمين إلى هذه الجمعية، ورعايتهم في جميع أحوالهم، فتنهض الجمعية ببعض ما كان ملقى على عاتق هذه السلطة، وحتمًا سنجد في نظم هذه النقابات أو الاتحادات في الدول التي سبقتنا لإنشاء جمعيات المجتمع المدني ما سيعيننا على صياغة لائحة أساسية لجمعيتنا لها القدرة على البقاء، وفيها النفع الوافر للمنتمين إليها، لا أن تكون مجرد صورة لجمعية شكلية نضيفها إلى جمعيات أخرى، كنا قد أنشأناها من قبل، لتوحي بأننا مجتمع حريص على كل فئاته، يحفظ لهم حقوقهم، ويرعى شؤونهم وكفى، فلدينا من الجمعيات الكثير مما لا نجد لها في الواقع المعاش أي أثر يذكر، فيجب ألا نضيف إليها جمعيات أخرى بنفس المستوى، ونحن ندرك أنه لن يستفاد منها، فعندما نشأت فكرة جمعية الصحافة، ثم أضيف إليها كتاب الصحف، تطلع إليها الكثيرون وانضم البعض إليها، لكن عما قليل تبين لهم أنهم فيها أصفار لا أهمية لهم فتركوها غير آسفين، ولعل الإخوة الصحفيين كذلك لم يجنوا من وراء انتمائهم إليها ما كانوا يتطلعون إليه، سواء أكانوا متفرغين للعمل الصحفي أم متعاونين، ولا تزال حتى اليوم تراوح مكانها، ولم يظهر لها بعد فائدة ملموسة، وإلا لما احتاجت لاستصدار أمر بقصر ممارسة العمل الصحفي على المسجلين فيها كأعضاء، لتجبر ممن لم يجد نفعًا من الانتساب إليها أن يطلب عضويتها، ونحن لا نريد لجمعية الكتاب المدعو إلى تأسيسها اليوم نفس المصير، بل نريد لها أن تكون جمعية فعلية لهم تحافظ على حقوقهم وتطالب بها، وتحرص عليها، وأن يكون كيانها حقيقيًا لا صوريًا، ونفعها ملموسًا لا مجرد تنظيرات ليس لها في الواقع وجود، وننبه الإخوة الذين أعلنت أسماؤهم كلجنة تأسيسية، ولم يخترهم أحد من الكتاب، ألا يقعوا فيما وقعت فيه من قبل جمعية الصحافة، وأن يتيحوا إن لم أقل للجميع مشاركتهم هذا التأسيس ووضع اللائحة التأسيسية فعلى الأقل البارزون لهم والمشتهرون بطرح أهم القضايا عبر مقالاتهم، فإن لم يفعلوا سعوا إلى الجميع لإبداء مقترحاتهم فهل يفعلون هو ما نرجو والله ولي التوفيق.