الانحياز للوطن شرف وانتماء وكرامة ، وأرض الوطن لا يوجد بها موقع محايد يقبل أن تكون مع بلدك أو لا تكون .. وفي أرجائه ننتقل من انتماء إلى انتماء ، شبر منه يعادل مساحته كاملة ، وقالوا عن الوطن إنه "أم" حتى يكون الانتماء له عاطفة وشعورا وعقلا وأنفاسا ، الوطن كلّ وليس أجزاء نختار منها ما نشاء وقت مانشاء ، والولاء له يتغذى على دماء الأجداد وآباء الأجداد ، ولم نستعر تاريخا من أحد أو دما من الخارج حتى يكون لنا منطقة محايدة تفصل مواقفنا عن الانحياز لترابه الغالي . كذا نفهم المواطنة ، وكذا عبّر الإعلامي داود الشريان في برنامجه اليومي "الساعة الثامنة" عن هذه الروح المنتمية لذاتها بدون أن يقيم جسورا كرتونية مع العواطف المنقسمة بين مصالحها ومصالحها ، ظهر متوشحاً بشرف العلم السعودي ، حتى يهز الشاشات التي توجد في ضمائر المترددين بين الانحياز لمكاسبهم أو انتمائهم لوطنهم ، فظهرت حلقته في مساء الاثنين حلقة وطنية بامتياز .. اعتاد الأشقاء في مصر على ترديد عبارة أن نظام مبارك متساهل مع تجاوزات السعوديين ، ولهم أقول : إنه في عام 2007 وأعتقد أن هذا التاريخ يعتبر في عهد مبارك ، قام وكيل وزارة الصحة المصري بأحد مستشفيات القاهرة بنزع جهاز التنفس عن مريضة مسنة سعودية وماتت بسبب هذا ، وعندما سئل عن ذلك قال : إنها سعودية وليست مصرية !! ولم يحاكم إلى هذا اليوم ، ومن عهد مبارك أفيدكم أن سائق تاكسي اعترض فتاة سعودية بسيارتها وتوفي معة اثنان من الجنسية الإذربيجانية ، وقالوا عن الفتاة إنها أميرة وهربت ، وهي مواطنة عادية تدرس في جامعة القاهرة ، سلمت جوازها ونفسها فورا للأمن المصري وتم إجبارها على دفع الدية بالريال السعودي ، مع أن الخطأ على سائق التاكسي 100% وفقا لتقرير مرور القاهرة ، ومن عهد المخلوع كما يسميه شعبه قام اثنان من طاقم الحراسة في مطعم بالقاهرة بضرب مواطن ضربا أدى لشلله شللا تاما ، وبعد شهر خرج الحارسان من السجن وكأنهما اعتدوا على قميصه وليس على حياته وتعطيل أعضائها بالكامل ، وقضية الأطباء والكثير الكثير من القصص ، من الذي يصبر على تجاوزات من !! وعلى الصعيد السياسي عندما سعت المملكة للصلح بين حماس وفتح وجمعتهما في مكة وتم الصلح بجهود سعودية ، قام نظام مبارك بإفشال المصالحة ، ومثل ذلك حدث في السودان أجهضت المساعي السعودية للحفاظ على وحدة السودان ، بحجة أن السودان يقع تحت النفوذ الإقليمي المصري ، وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق خرجت المملكة بمبادرة تقضي بانسحاب الجيش الأمريكي من العراق ويحل مكانه جيش عربي للحفاظ على الأمن في العراق ، رفضت مصر ومعها واشنطن هذه المبادرة ، وفي عام 2002 في القمة العربية في بيروت عندما طرحت المملكة المبادرة العربية للسلام ، رفضت مصر في البداية مع اسرائيل هذه المبادرة حتى إن الرئيس مبارك لم يحضر القمة ، وأناب عنه رئيس وزرائه عاطف عبيد ، من يتساهل مع من ، وعندما خرج نبأ عن نية المملكة بإقامة جسر بينها وبين مصر رفض مبارك هذا المشروع وقال في صحيفة الأهرام المسائي " لن أسمح بدخول الإرهابيين لمصر " ونحن هنا نذكر ولا ندعي ، نسترجع شريط التساهل حتى يعلم من تساهل على اتهامنا بإهانة كرامته . حلقة داود كانت كريمة جدا بالدفاع عن الوطن بالحق ، وكريمة بمقترحاتها ، ومن أبرز المقترحات أن يكون لدينا قائمة سوداء تتضمن أسماء الإعلاميين الذين تعدوا على كرامتنا بالباطل وعملوا على تسميم علاقتنا بأشقائنا في مصر ، فلا يعقل أن نكون نحن البلد الوحيد الذي يشتم من إعلاميين يعملون بمؤسسات يملكها مواطنون يفترض أن يكون انتمؤنا مثل انتمائهم ، وعلى هذا المقترح نرفع عقالنا لك يا داود..