لا أذكر أن حقق سعوديا أو سعودية تفوقا أو إنجازا ملفتا أو نال أي منهم إشادة وتقديرا، إلا وفي الغالب شكك السعوديون أنفسهم فيما حققه أبناء جلدتهم، سواء كان صاحب الإنجاز داعية أو طبيبا أو باحثا أوعالما أو مفكرا أو إعلاميا أو روائيا أو شاعرا أو رياضيا أوطالبا أو مبتكرا. ومن آخر ما تم التشكيك في مصداقيته هو عدد المتابعين على (تويتر) للشيخ العريفي والشيخ العودة، فقد ضاق البعض ذرعا برقم المليون كحالة تفوق وإعجاب فأشاعوا أن في المسألة (لعبةً) و(تحايلاً)، مثلما ضاق بعضهم أيضا بمنجزات حققها مثقفون ورياضيون وباحثون من أبناء الوطن. والملاحظ عندي أن حالة التشكيك والطعن لم تكن حاضرة فقط عبر ما يتم تداوله في المجالس ووسائل الإعلام المختلفة محليا، بل وصلت الحالة إلى ما هو خارج الحدود، فما أن تحتفي وسائل الإعلام العربية والخليجية بذاك المنجز السعودي إلا وبادر السعوديون أنفسهم بالتعليق والمشاركة والمداخلة، ممارسين نفس ما يمارسونه في الداخل طعنا وتشكيكا في أحقية تلك الجائزة وذاك الانتصار. وليس لدي تحليل دقيق قائم على دراسة واستقصاء للأسباب التي تقف وراء هذه الحالة الغريبة المتمثلة في رفض مكاسب فعلية للوطن ومؤسساته وأفراده، لكني ومن خلال متابعتي للتعليقات والمداخلات والكتابات المعنية بتلك الأخبار أيقنت أن العلة في الغالب لا تخرج عما نعاني منه منذ فترة ليست بقليلة، وحاول (الحوار الوطني) أن يقضي عليها أو يحد منها لكنه فيما أزعم لم ينجح بعد. الحالة تكمن في أن عددا ليس بقليل منا، بات المقياس والحكم عندهم تجاه الأشخاص غير قائم على العدل والعلم والموضوعية والحيادية وما تثبته الوقائع وتوثقه الأرقام، بل بات الحكم عندهم قائم على تصنيفات لها علاقة بالموقع الجغرافي لصاحب الجائزة والإنجاز، ولها علاقة بأصله وفصله، ووفقا لأي التيارات أو الفئات أو الجماعات الفكرية والدينية ينتمي، فلم يعد المنجز ذاته كافيا للاعتراف بأحقية صاحبه بما نال واستحق من جائزة أو إشادة، فكل منهم يظلم الآخر في حكمه، وفي تقييمه، وفي تشويه سمعته، والطعن به، فضلا عن ظلمهم لوطنهم وفقا لتلك المرجعية الممقوتة حتى وإن حضرت أمامهم آية: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) فهم ينتصرون لأهوائهم فقط!