كثيراً ما يتردد هذا السؤال وخصوصاً هذه الأيام مع النشاط الملحوظ الذي يعيشه سوق الأسهم والذي تطرق إليه الكثير من المحللين الماليين والاقتصاديين واعتبارهم أن هذه السيولة الضخمة التي دخلت سوق الأسهم قادمة من الاستثمار العقاري سيما أن المضاربة بسوق الأسهم حققت خلال الفترة الماضية أرباحاً قياسية تفوق ما يحصل عليه المستثمرون في السوق العقاري، وقد لاقت نظرية تسرب السيولة من قطاع الاستثمار العقاري قبولاً واسعاً بين فئات المستثمريين وتنبؤ البعض بأنها ستكون بداية إنهيار في أسعار العقارات ودخوله في دورة ركود طويلة عززتها تقارير ومشاهدات شخصية لبعض الأشخاص وتم الترويج لها عبر بعض وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. وكمهتم ومتابع لقطاع الاستثمار العقاري وبخبرتي الطويلة فيه والتي تخللها مجموعة من الطفرات الاستثنائية لسوق الأسهم أحببت أن أتشارك معكم رأيي في مدى العلاقة بين سوقي العقار والأسهم وتأثير ومدى تأثير أحدهم على الآخر . في البداية يجب أن نتفهم أن الاستثمار العقاري يختلف عن الاستثمار في سوق الأسهم بشكل كبير مما يجعل مستثمريهما مختلفي التوجه والفكر وبالتالي من المهم أن نفهم الفرق في الفكر الإستثماري لكليهما، إن الاستثمار في القطاع العقاري بشكل عام ليس كما يعتقد البعض بأن الغرض منه هو الاستثمار التقليدي بحثاً عن ربح سريع أو مباشر لعدم وجود قنوات استثمارية بديلة وإنما هناك أغراض أخرى لشراء العقارات وهي إما للإستثمار المباشر سواء قصير المدى أو طويل المدى أو لحفظ الثروة أو للاستخدام المباشرللعقار كسكن أو عمل أو لضمان دخل سنوي ثابت بعيد عن المخاطر وهذه الأنواع المختلفة للأستثمار تجعل الحاجة لشراء العقارات أيضاً مختلفة ممايجعلنا أمام مجموعة من المستثمرين في نفس القطاع ولكن مختلفي التوجه والفكر الاستثماري وبالتالي يصعب أن يطبق عليهم نفس القاعدة أو وضعهم تحت مسمى استثماري واحد فمن المستحيل على سبيل المثال أن يوجه راغب شراء العقار لغرض الإستخدام أو لغرض ضمان الدخل السنوي أو الراغب في حفظ ثروته على المدى البعيد تلك السيوله للإستثمار في الأسهم لأن الهدف أصبح مختلفاً تماماً وحتى أن المستثمرين في القطاع العقاري لغرض الاستثمار المباشر الذين يمكن أن يكونوا هدفاً للتوجه لسوق الأسهم لا يملكون نفس روح المغامره والفكر الاستثماري التي يحتاجها مضارب الأسهم وحتى لو كانت العوائد في المضاربه في الأسهم أضعاف ما يحصل عليه من الاستثمار العقاري، وبالتالي فإن التأثير الوحيد المقبول هو خروج نسبة بسيطة من مستثمري القطاع العقاري المباشرين والذين كانوا يستثمرون في القطاع العقاري بالمضاربة السريعة في العقار نظراً لتشابه نوع الاستثمار بينها وبين المضاربة في سوق الأسهم وهذه النسبة لا تمثل أكثر من 10% منهم, كما أن السيولة التي دخلت مؤخراً لسوق الأسهم قد يكون مصدرها أما الثروات النقدية لدى المستثمرين أو القروض التي منحت لهم بشكل سهل من قبل البنوك مؤخراً وليس كما يقال أنها سيولة من الإستثمار العقاري. لست هنا اليوم أحاول الدفاع عن الإستثمار العقاري وإنما لتوضح الأمر لكي يستفيد منه صغار المستثمرين وعدم تضليلهم بتقارير خاطئة حول خروج السيولة من قطاع إلى آخر يستفيد منها بعض المضاربين الراغبين في تحقيق أرباح خيالية على حساب بعض صغار المستثمرين إذ أن كبار المستثمرين ومديري المحافظ لا يضللون بسهولة نظراً للخبرة التي يتمتعون بها والتحليل الفني والمالي للفرص التي يصعب على صغار المستثمرين الحصول عليها . وأختم بنصيحة لصغار المستثمرين بعدم توجه معظم سيولة الاستثمار العقاري إلى سوق المضاربة في الأسهم لما فيه من مخاطرة قد تفقدهم ثروتهم كما أن فيها مخالفة لقول رسولنا الكريم في حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من باع عقارا ثم لم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها"، وعن سعيد بن حريث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من باع منكم دارا أو عقارا فليعلم أنه مال ضمن ألا يبارك له فيه إلا أن يجعله في مثله"