في المدرسة الثانوية «الموقتة أو الجاهزة» كان لدينا معلم لمادة الفيزياء من مصر، رجل لطيف «في حاله»، اشتهر بلزمة بين الطلاب، يبدأ فيها الدرس وينهيه، وأيضاً يلجأ إليها حين ينبه على الطلاب من كثرة الكلام والتشويش في وقت الدرس، كان يكثر من قول «يا إخوانا»، تصدر عنه بغنة ربما بسبب «لحمية» يشكو منها. «الله يذكر بالخير» فمع تصاعد الحديث عن «الإخوان» تذكرته على رغم أن لا علاقة له بهم «كتيار سياسي» من قريب أو بعيد، أيضاً مع تصاعد هذا الحديث أتذكر «إخوان من طاع الله»، «الإخوان» الشهيرين في تاريخ نشأة الدولة السعودية، ثم لاحقاً هجرة بعض رموز «الإخوان المسلمين» إلى دول الخليج هرباً من القمع السياسي في بلادهم، وأخيراً «الإخوان» رجال الأعمال وفق تعبير وزير المالية السعودي، فالأخوّة و «المخاواة» حاضرة بقوة في ثقافتنا وإن اختلف من نعنيه وموقفنا منه أو دوره وموقفه منا. أستعين بالله تعالى ثم بما تعلمته من معلم الفيزياء فأقول يا «إخوانا» أنا «أشوف» أن أهم ما نعاني منه من عقبات ومعضلات هو بسبب بعض «إخوانا» الله يصلح حالنا وحالهم، يمكنك اختيار من تشاء من «الإخوان» السابقين وفق رؤيتك وفهمك. قضية البطالة نشأت بسبب بعض «الإخوان»، وقضية تردي الخدمات استفحلت بسبب بعض «الإخوان»، وقضية عدم وجود السكن تجذرت من بعض «الإخوان»، وقضية ضياع المدخرات لقاعدة عريضة من الشعب السعودي جاءت من بعض «الإخوان»، وقضية ارتفاع الأسعار والاحتكار وراءها بعض «الإخوان»، وقضية طغيان الشكل على المضمون نموذجها من بعض «الإخوان». وغيرها كثير من قضايا أصبحت خطراً على البلاد، يمكن صفها هنا في الطابور. إذا أصلحنا هؤلاء «الإخوان» كل في مجاله أو لنقل قطاعه العريض، فمن المؤكد أن أحوالنا ستصلح، أقلها ستتحسن كثيراً وبصورة ملموسة تقفل المنافذ! وبدلاً من التركيز على «إخوانا» في الخارج مهما كان عدد المتعاطفين معهم وأنهم وراء هذا وذاك، لن تحل قضايانا بل ربما تساهم في نسيانها ووضعها في الأدراج، لتتضخم أكثر. وإذا كان هناك من هاجس أو حذر وحيطة معتبرة بحكم تصاعد الدور السياسي للإخوان المسلمين كقوة فاعلة فهذا يمكن التعامل السياسي الإيجابي معه، بخاصة وهو واقع ومرشح للتصاعد، والمشتركات كثيرة. ثم إن الأولوية تكمن في سد الحاجات، والتعاطي الإيجابي مع تطلعات الداخل. إن غالبية الناس هي من الوسطيين ممن لا ترتفع أصواتهم إلا بسبب ضيق الفرص في العيش الكريم والشعور وبالإهمال، وهم يريدون أن يكونوا حاضرين وتطلعاتهم حاضرة في أعلى قائمة الأولويات، وهم لب الوطن وخاصرته. هم لب المسألة... «يا إخوانا».