كل التوقعات كانت تشير الى حدوث طفرة عقارية غير مسبوقة في السوق السعودي بعد نكسة سوق الأسهم في فبراير 2006 بناء على عدة اعتبارات أهمها زيادة الطلب على المساكن وإنشاء شركات تمويل جديدة واهتمام البنوك بتمويل الأفراد والشركات، وكذلك تحول العديد من الشركات الفردية والمساهمة المقفلة الى مساهمة عامة ودخول العديد من الشركات الاجنبية الى السوق السعودية بهدف الاستثمار في المشاريع السكنية وأخيرا دخول سيولة كبيرة كانت في سوق الأسهم الى السوق العقاري. جاءت الأزمة المالية العالمية في اكتوبر 2008م وانكشفت العديد من الشركات والدول ووصل بعضها الى الإفلاس إلا أن المملكة لم تتأثر بفضل الله ولكن اسعار الاراضي والعقارات تضاعفت حتى تجاوزت الحد الذي يمكن للمستفيد النهائي من التعامل معه، الجميع دخل السوق العقاري منذ ذلك الحين وتركز العمل على المضاربات دون الاستثمار بعيد المدى وخصوصا الاستثمار في المشاريع السكنية. الدولة تدخلت بقوة خلال الخمس سنوات الماضية وعملت جاهدة على حزمة من الحلول لمشكلة الاسكان وكان الهدف تمكين المواطنين من التملك وتسهيل الاجراءات والقروض وكبح جماح الاسعار وكان أول الغيث هو توقف الارتفاع الجنوني للأسعار وبداية تصحيحها مع اطلالة هذا العام والتي يتوقع أن تستمر حتى تصل الى معدلاتها المعقولة. وما يجب أن نفهمه أن طبيعة السوق العقاري تختلف عن غيرها والحلول تأخذ وقتا وتحتاج الى صبر حتى تظهر نتائجها. بعد انتعاش سوق الأسهم خلال الاسابيع الماضية وبدء نشاطه المتصاعد وامتصاص جزء كبير من السيولة التي كانت تعمل في العقار، أقول لعل السوق العقاري يكون قد تخلص من المضاربين الهادفين للربح بأي طريقة والذين تسبب معظمهم في تضخيم اسعار الاراضي والعقارات طوال السنوات الخمس الماضية دون المساهمة في التنمية وتطوير المشاريع ولعلها فرصة لبقاء المستثمرين الحقيقيين والنشيطين في مجال الاسكان بعيدا عن المضاربات على الاراضي. لاشك بأن التحدي كبير لكن المهم أن مشاكل السوق العقاري بدأت في الانحسار والحلول بدأت تأخذ طريقها بما فيها مكافحة الفساد وسعي الدولة الى توفير وسائل التمويل والقروض الحكومية بالمساهمة مع القطاع الخاص وبإشرافها. هناك فئة من المجتمع لا تتعلم من أخطائها وتصر على تكرارها وهم من سينجرف مع سوق الأسهم دون خبرة أو معرفة ومنهم من سيبيع عقاره الذي يملكه بحثا عن الثراء السريع وبعضهم سيكون على حساب المسكن لمن لا يملكه. هي فرصة لمن لا يملك أرضا او سكنا بأن يضع ذلك ضمن أولوياته وينتهز الفرصة حين تحين مع الانشغال بسوق الأسهم. لو لم نخرج من هذه الأزمات والمشاكل إلا بالوعي والانتباه وتلافي تكرار الأخطاء لكان كافياً..