لم أصدق ما شاهدته عيناي بالصور المنقولة في صحف إلكترونية قامت بتغطية تجمعات طالبات كلية الآداب، بدأت الثلاثاء واتسعت دائرتها الأربعاء الماضيين، يُطالبن ببيئة تعليمية تحترمهن في جامعة موجودة بدولة غنية لا تُقصر في ضخ ميزانيات ضخمة لتطوير التعليم العالي، لقد كانت الصور خير شاهد للأزمة التي تشير إلى الإهمال والقصور الشديد بشطر الطالبات، حيث تكوم النفايات بشكل "مشمئز" و"مقرف"، وعبر حسابي في "تويتر" تواصل معي بعض طالبات الجامعة ليخبرنني أن المشكلة ليست فقط في النفايات المتراكمة لأيام دون إزالتها مما يضر بصحتهن؛ بل أيضا عدم توفر مقاعد كافية لهن فيضطررن لشرائها، وفقر المكتبة في الكلية من الكتب، وإساءة معاملتهن من قبل المشرفات والمسؤولات والتخاطب معهن بلغة التعالي والفوقية، هذا إضافة إلى عدم توفير أنشطة طلابية ثقافية وإبداعية تليق بمرحلتهن الجامعية والعمرية، تكون مشجعة وتُفرغ من طاقاتهن بالشكل الإيجابي وتحترم كيانهن كجامعيات، وما زاد الطين بلة كما يقولون؛ هو تصريح عميدة الكلية نفسها لإحدى الصحف أن السبب الحقيقي خلف "تجمع الطالبات" ليست تلك القاذورات التي نقلتها لنا الصور؛ بل مطالبتهن ب"النت" وإدخال جوالات الآي فون والبلاك بيري!! واستغرب كثيرا هذا التصريح، هل من المعقول أن توجد جامعة في العالم المتحضر ولا يتوفر بها "إنترنت"؟! لقد فرض "النت" كما سمته عميدة الجامعة على حياتنا، وبات وسيلة من أهم وسائل البحث العلمي والأكاديمي، بل جامعات العالم الأول تدعو طلبتها إلى استخدامه في العملية التعليمية وتشدد عليه فيما نحن نمنعه!! أما بخصوص الجوالات فما دام أولياء أمورهن اشتروها لهن ويستعملنها في بيوتهن وخارج بيوتهن فلماذا يتم منع استخدامها؟! السبت الماضي؛ تجمع عدد من طلاب الجامعة وطالبات ببعض الكليات ليكرروا ذات المطالب بجانب مطالبات أخرى كصرف مكافآتهن المتأخرة، وهذا إنما يؤكد أن هناك مشكلة إدارية فعلا في الجامعة بشطريها، إذ لا يجتمع كل هذا العدد للاشيء! ويجب عدم تجاهلها والتعامل معها بشفافية وصراحة، لأن هؤلاء الطلبة هم شباب وشابات الوطن، وهم من ستبني سواعدهم حضارته ومستقبله، ولهذا فعلاج المشكلة لا يكون أبدا بمعاقبة هؤلاء الطلبة والطالبات ولا لومهم وتجريم فعلهم، فرغم أني ضد التجمعات وأشدد على رفضها منعا للإصابات والفوضى؛ لكن وبصراحة شديدة لو كانت مكاتب عميدة الجامعة ومدير الجامعة والمسؤولين مفتوحة وتؤدي واجبها لهم وأمانة مناصبهم تجاههم لما حصل هذا الأمر أبدا، ولهذا أطالب هنا بالتحقيق من قبل لجنة محايدة، ويجب أن تكون من خارج الجامعة بل من خارج المنطقة لضمان نتائج التحقيق، فالجامعة حتما ستعمل على "لملمة" الموضوع وتغييب الحقيقة، وإن ثبت القصور الإداري فعلا فيجب إقالة المسؤولين والمسؤولات الإداريين مهما كانت مناصبهم ممن تسببوا في فساد البيئة الجامعية.