لم يتمكن المعارض السوري محيي الدين اللاذقاني من إحصاء عدد مرات تهديده بالقتل – بحسب تصريحاته - من المحلل السياسي اللبناني جوزيف أبو فاضل، وقال إنها مرتان. والصوت يوضح أنها أربع مرات. وهي في الحقيقة ليست تهديداً بالقتل، وهذا ما يعرفه اللاذقاني لكنه يتعامى عنه عامداً كما توقعت وأنا أشاهد حلقة الثلاثاء الماضي من برنامج الاتجاه المعاكس على "الجزيرة"، مُحوّرا عبارة "تاكل قتلة" باللهجة الشامية التي تماثلها "ودي أفرشك" باللهجة السعودية و"أدّيك علقة" بالمصري، و"أضربك" بمختلف اللهجات، إلى معناها الحرفي وليس دلالتها المعروفة في اللهجة التي يحفظها تماما، لكنه يتجاهل كي يوظفها لصالحه إعلاميا بعد اعتداء "أبو فاضل" عليه بالضرب على الهواء مباشرة قبل دقائق من نهاية الحلقة مرفقا لكماته بسيل من الشتائم البذيئة جدا. الضيفان لم يكونا خلال الحلقة على مستوى يؤهلهما لحوار جاد حول الأزمة السورية، كل منهما كان يستفز الآخر بإهانة من يواليه والإساءة اللفظية له. محلل سياسي لا يمتلك رؤية في التحليل السياسي، ومعارض سوري خرج من بلده ليعارض الرئيس السابق حافظ الأسد، ويقف إلى جانب شقيقه الذي حاول الاستيلاء على الحكم ثم نفي معززا مكرما. فاللاذقاني قدم لسنوات عدة برنامج "قناديل في الظلام" في قناة ANN ذات البرامج الموجهة ضد النظام السوري، ويمتلكها ابن عم الرئيس الحالي. فأي معارضة هذه التي لا ترتكز على مبدأ منطقي في رؤيتها لمستقبل بلد عريق مثل سورية. باختصار، الحلقة كانت فاشلة بامتياز، فالمعارض لم يقدم صورة إيجابية للمعارضة الواعية بطروحاتها الناضجة، والموالي للنظام انحدر إلى الدرك الأسفل فعلا ولفظا. وبين صراخهما ضاع فيصل القاسم. وفيما انتهت الحلقة ب"قتلة" مجازية، ما زال الشعب الذي يعاني القتل الفعلي اليومي ينتظر مجلس الأمن ليبت بأمر من يتمسحون بأذيال عباءة الدب الروسي طمعا في "فيتو" ينقذهم ولو إلى حين.