السؤال: لماذا يعشق السعوديون (والسعوديات بالتأكيد) دبي؟ الجواب: هم لا يعشقون دبي فقط، بل يعشقون كل الأماكن، بما فيها دبي. متابعة للسؤال: لماذا يعشق السعوديون دبي رغم أنها مدينة صحراوية شديدة الحرارة وعالية الرطوبة صيفاً؟ الجواب: السبب ليس وجود مسارح السينما التي تعرض أحدث الأفلام، ولا الأسواق الفسيحة الهائلة الضخامة، ولا المطاعم المتنوعة التي تناسب كل الميزانيات والأذواق، ولا مئات الفنادق متفاوتة التصنيف.. ليس كل ذلك. إذاً ما السبب؟! تتعدد الإجابات. لكن ما مبرر طرح كل هذه الأسئلة؟ المبرر أن السعوديين شغوفون بالسفر؛ نسافر في العطلة الصيفية، وفي عطلة الربيع والخريف والعيدين.. بل وحتى في عطلة نهاية الأسبوع. هناك من يقول: أسافر لأبتعد عن العوائق والمنغصات؟ أو أسافر لعدم وجود منتج سياحي محلي متكامل يتضمن أنشطة تغطي أياماً عدة. وليس أدل على أهمية السائح السعودي لأسواق السياحة المجاورة من أن مواسمهم أصبحت تتزامن مع عطلنا. أعود لسؤالي: ما سبب عشق السعوديين لدبي؟ وسؤالي بريء وليس سؤالاً استنكارياً، فدبي تستحق أن تزار، أما محل السؤال فهو: ما الفرق بين حاضرة الدمام وبين دبي؟ فبين سلسلة الظهران والخبر والدمام وسيهات والقطيف وصفوة ورحيمة شريط من جمال الساحل وتنوع الخدمات، فإذا أضفنا الأحساء مدنا وقرى أصبح العرض جوهريا. لكن يبدو أنه ليس كافياً لأن نمارس السياحة الداخلية بحماس كما هو مشاهد في دبي. ظاهرة «غرام» السعوديين بالسفر تستحق الدراسة، فالمحذور أن يكون «غراماً قهرياً»، بمعنى أن أحدنا يسافر للخارج لأنه لا يمل السفر، ويعود ليعمل أو ليدرس أو ليصل الرحم أو ليراجع دائرة حكومية، أي يعود لسبب ثم ما يلبث أن يسافر ثانية. هذه الظاهرة تستحق الدراسة ليس لمشكلة مع دبي أو سواها، فدبي قصة نجاح تستحق ان تستخرج منها الدروس، لكن الإشكال أننا نملك هنا مقدرات سياحية هائلة لا تستغل رغم وجود «السائح»! ومع ذلك نترك السائح السعودي ليشبع رغبته للترويح عن النفس خارج الحدود.. فنُصدِّر بذلك عشرات المليارات من الريالات، ومعها مئات فرص الاستثمار وعشرات الآلاف من فرص العمل. وكأننا لا ندرك أن الدفاع عن مصالحنا الاقتصادية لا يقل أهمية عن الذود عن حياض الوطن، ومن بوسعه أن ينكر أن اقتصادنا جزء لا يتجزأ من حياض الوطن؟! والمقابل هناك من يقول: أسافر لأبتعد عن العوائق والمنغصات؟ أو أسافر لعدم وجود منتج سياحي محلي متكامل يتضمن أنشطة تغطي أياماً عدة. ومهما يكن من أمر فليس مبرراً عدم أخذ وجهات النظر تلك بكثير من الجدية، فالسائح سيستمر في سفره حتى نوجد له منافساً سياحياً محلياً مقنعاً.. وحتى يتحقق ذلك سينزف اقتصادنا عند كل عطلة مهما قصرت.