القطاعات الخدمية التي لها علاقة بالجمهور هي أكثر الجهات تعرضاً للنقد، وهذا أمر طبيعي لأنها تمس مصالح الناس كالصحة والبلديات والتعليم والداخلية، والقطاعات التي تمس أقوات الناس وصحتهم هي أكثرها خطورة سواء ما تعلق منها بالسلامة أو تكاليف المعيشة، لكنها تأتي في المرحلة الثانية من حيث التناول والنقد وذلك يرجع إلى أن كثيراً من آثارها سريع الظهور والعلاج كالتسمم الغذائي مثلاً، أو أن آثارها بطيئة المفعول غير ملموسة التأثير كالأغذية ومستحضرات التجميل المضرة بالصحة في تركيبها أو لاحتوائها على مواد مسرطنة أو ذات آثار جانبية لا تظهر سريعاً، والجهات التي تضم كوادر بشرية كبيرة من المنطقي أن تكون أكثرها أخطاء لضخامة العدد من جهة، ولأن من يعمل أكثر عرضة للخطأ من غيره كقطاع التعليم والصحة وبعض قطاعات الداخلية، فالتعليم يضم أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة والعاملون في القطاع الصحي في مجمله يبلغ 270 ألفاً من أطباء وكوادر فنية وإدارية مساندة في وزارة الصحة أو القطاعات الأخرى بما فيها القطاع الخاص، ومن فطرة الإنسان أن يسعى إلى أداء الأفضل وإلى حب الثناء سواء كان مبرزاً أو مقصراً، لكن تخرج الأمور عن طبيعتها حين يضيق المسؤول بالنقد أو يستعذب المديح وينتظر من مرؤوسيه وزواره ووسائل الإعلام أن تنظم قصائد المديح والشكر والامتنان والعرفان له؛ لأنه هو المنقذ الذي جاء لإصلاح ما أفسده من سبقه والمتعب الذي سيتعب من سيجيء من بعده، بعد عمر طويل طبعاً، ويعدّ أن أي نقد موجه لجهازه يمسه شخصياً وهو بالتأكيد نقد غير موضوعي لأنه إن كان صريحاً يعدّه نظرة حاقدة، وإن كان مجاملاً يعدّه مفتقداً إلى الدقة ويعتمد على معلومات غير صحيحة، وذلك لأنه ألف المديح ولم يتعود على أن وظيفة وسائل الإعلام تتعارض مع المدح والتزلف والإشادة وإن ركب هذه الموجة من ركب أو كرسها من رأى مصلحته في ذلك، فالإعلام إن لم يكن سلطة رابعة بموازاة السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وبمستواها يصبح أي شيء، إلا أن يكون إعلاماً.